اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون01 ديسمبر 2017 - 22 هاتور 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 47-48

اخر عدد

الصوم والنقاوة

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

01 ديسمبر 2017 - 22 هاتور 1734 ش

مع بداية صوم الميلاد المقدس نبدأ رحلة روحية نستعد فيها لاستقبال الابن الكلمة متجسدًا. فكما صام موسى النبي على الجبل أربعين يومًا وهو يستقبل كلمة الله وشريعته المقدسة، هكذا نقدم صومًا طاهرًا لنستقبل الابن الكلمة المتجسد رأس البشرية الجديدة التي تطيع الكلمة الإلهية، وتُنفّذ المشيئة الإلهية أيضًا كما في السماء كذلك على الأرض.

ولعلنا نتساءل ما علاقة الصوم بالنقاوة الداخلية؟ ولابد أن نعترف أن الجسد وطبيعته الفسيولوجية وغرائزه الحياتية وميوله الطبيعية المادية تحتاج إلى تنقية حتى يتقدس ويتنقّى، ولا يستجيب للعثرات والمثيرات التي يحاول عدو الخير أن يثيره بها، مما يؤثر على الفكر والعاطفة.

ولأن الصوم دليل لحب الإنسان لله، وعلامة حرصه على تقديم دليل قوي لمحبته لله ولوصاياه، لذلك يتحول الصوم إلى وسيلة قوية لتعميق حب الله في قلب الإنسان، مما يقوده للعبادة النقية بالصوم والصلاة والتسبيح والليتورجيات في التسابيح والألحان والتأمل في كلام الله المقدس.

+ ملكية الله للجسد: وهذا هو منهج القداسة الحقيقية، فرغم أن القديسين كانت لهم أجساد مثلنا لها ميول وغرائز وعواطف، ولكن قدسوها جميعًا بالشبع من الله وتمليكه على الجسد وطاقته، فصار الجسد هيكل الله وروح الله ساكن فيه. ومع تفعيل عمل الروح القدس بالصوم والعبادة تكون هناك تقويه للكيان الروحي بقيادة روح الإنسان المقودة بعمل الروح القدس، مما يجعل الجسد خاضعًا كعبد مطيع للروح كما قصد القديس بولس من عبارته «أُقمع جسدي وأستعبده» (1كو9: 27). فالقمع يعني الخضوع لملكية الله وخدمة الأهداف الروحية، فيحيا الإنسان حسب الروح وليس حسب الجسد. وهناك تحذير في كلمات هامة للقديس بولس «إن عشتم حسب الجسد فستموتون، ولكن إن كنتم بالروح تُميتون أعمال الجسد فستحيون» وأيضًا، «مَنْ يزرع للجسد فمن الجسد يحصد فسادًا، ومَنْ يزرع للروح فمن الروح يحصد حياة أبدية» (2كو9: 6). ولخطورة الأمر نبّه السيد المسيح لعدم التهاون فقال: «إن أعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك، فخير لَكَ أن تدخل الحياة أعور من أن تدخل جهنم ولَكَ عينان» (مت18: 6-9)، أي أن قطع العثرة من العين يوصّل للحياة الأبدية وهذا مهم للجسد.

كما يوضّح القديس بولس ذلك فيقول: «ولكن الجسد ليس للزنا بل للرب والرب للجسد، ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح؟ أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية؟ حاشا! اهربوا من الزنا.. إنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اُشتريتم بثمن، فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله» (1كو6: 20)، وهنا تنبيه لخطورة تدنيس الجسد بالخطية أو الشهوات.

+ الخطية تنبع من الداخل: «كل خطية يفعلها الإنسان هي خارجة عن الجسد، ولكن الذي يزني يخطئ إلى جسده» (1كو6: 18)، ومكتوب أن «الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يُخرج الصالحات، والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يُخرج الشرور» (لو6: 45).

وهنا أهمية المقاومة: «لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية» (عب12: 4). والصوم يقوّي الإرادة حتى تقاوم الخطية كما جاء في (مت15: 10-20) «لأن من القلب تخرج الأفكار الشريرة، هذه التي تُنجس الإنسان».



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx