اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون23 فبراير 2018 - 16 أمشير 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 7-8

اخر عدد

الأحد الثالث من الصوم الكبير - الابن الضال

الأنبا تكلا - اسقف دشنا

23 فبراير 2018 - 16 أمشير 1734 ش

في الأسبوع الأول من الصوم وضعت الكنيسة الهدف الأول من الصوم بل من الحياة الروحية كلها وهو الملكوت، وقالت في الأسبوع الثاني كيف ندخله من خلال الانتصار على الشيطان، ولكن إن سقطنا في الخطية فماذا نفعل؟ هل نفقد الأمل في دخول الملكوت؟.. لا!

والكنيسة تعلمنا أن لا نيأس، فإن أخطأنا ورجعنا إلى الله بالتوبة سيقبلنا ويردنا إلى وضعنا الأول، وهذا ما نراه في إنجيل الأحد الثالث (مثل الابن الضال) الذي ورد في (لو15: 11–33)، ونجد فيه عدة دروس منها:

1– مفاهيم خاطئة:

ظن الابن الأصغر - كما يظن كثير من الناس - أن السعادة تأتي من عدة أشياء: (أ) البُعد عن الآب: أي البعد عن سلطة الله والكنيسة والانطلاق لفعل ما يريد بعيدًا عن الوصايا والقوانين. (ب) الحرية: بعيدًا عن القيود والأوامر والنواهي، وعمل ما يحلو للإنسان وما يخطر في باله. (جـ) المال: فهو القادر على جلب ما يريدون من ممتلكات ومقتنيات تجلب السعادة. (د) الأصحاب والأصدقاء: والارتباط بهم والبقاء معهم والحياة حسب قواعدهم.

فعل الابن الضال كل ذلك فبعد عن أبيه، حيث طلب أن يعطيه ميراثه وذهب به بعيدًا مع أصحابه.. ولكن لما فرغ المال تركه أصحابه.. فاعتاز وصار يبحث عن عمل ليأكل، ولم يجد سوى مرعى للخنازير.. كان يشتهي أن يأكل من أكلها..

ماذا قد حدث؟ الذي حدث هو وَهْمُ وغرور العالم الذي يقوده الشيطان.. وحينما يطيع الإنسان ويسقط يُذَل ويُحتقَر.. ولكن حينما يعود إلى نفسه يعرف:

1– إن البعد عن الله هو موت.. فهو الحياة وفيه الحياة.. وبعيدًا عنه لا توجد سعادة أو راحة.. وهذا ما وجده الابن الضال ويراه كل إنسان أخطأ من آدم إلى النهاية..

2– كذلك الحرية الحقيقية هي التحرر من الخطية ومن قيودها ومن سيطرتها.. وقتها يجد الإنسان السعادة الحقيقية..

3– وأيضًا يجد في المال شراء الطعام ولكن ليس الشهية.. شراء السرير ولكن ليس النوم.. شراء المكان ولكن ليس السلام.. هو وسيلة لا هدف..

4– وهكذا يجد أصحابه كانوا يسيرون معه لمصلحة ومنفعة وهي أمواله، فلما انتهت تركوه ورحلوا وتنكروا له ولم يعرفوه.. فالأصحاب الأوفياء هم مَن يقفوا وقت الضيق، وهم مَن يقودون صاحبهم إلى الأبدية وخلاص النفس..

2– عظمة التوبة:

هل التوبة تستطيع إصلاح ما فسد؟.. نعم! إنها كما يقول عنها الآباء كأنها معمودية ثانية، تحوِّل الزناة إلى بتوليين، والأشرار إلى قديسين.. ولكن ماذا فعلت التوبة مع الابن الضال؟

أ– عودة إلى النفس: «عاد إلى نفسه». الإنسان الذي فقد نفسه قبل أن يفقد أمواله وأسرته وصحته.. تعيده التوبة إلى نفسه التي هي أغلى من العالم وما فيه «لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ أو ماذا يُعطي الإنسان فداء عن نفسه؟» (مت16: 26).

ب– عودة إلى الله: «أقوم وأذهب إلى أبي». إن كانت الخطية هي انفصال عن الله، فالتوبة هي عودة إليه.. عودة إلى أحضانه، إلى بيته، إلى خدمته، إلى أسراره، والتمتع بالحياة المقدسة.

جـ– عودة إلى البنوة: «ابني هذا كان ميتًا فعاش، وكان ضالًا فوُجِد». عودة إلى المكانة الأولى والسلطان الروحي على الخليقة «ألبسوه حذاء في رجليه». الحذاء يلبسه السيد لا العبد، وبهذا يعود إلى مكانته الأولى كابن لا كعبد..

د– عودة إلى الستر الإلهي: «أخرجوا الحُلَّة الأولى وألبسوه». بالخطية نُكشَف ونتعرى.. هذا ما شعر به آدم وحواء بعد الخطية، ولكن بالتوبة يكسونا الله بثوب بره.

هـ– عودة إلى الغِنى الروحي: «واجعلوا خاتمًا في يده». إن الغِنى الروحي الذي فقدناه بالخطية نعود إليه بالتوبة.

و– عودة إلى إمكانية التناول: «وقدموا العجل المُسمَّن واذبحوه». التوبة هي التي تبدأ بمحاسبة النفس والاعتراف والعودة إلى الله.. هي التي تسمح للإنسان بالتناول من الأسرار المقدسة التي تفرحه وتشبعه.

ز– عودة إلى الفرح: «فابتدأوا يفرحون». يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب.. الفرح في السماء وعلى الأرض.. إنها التوبة. «كان ينبغي أن نفرح ونُسَر لأن أخاك هذا كان ميتًا فعاش وكان ضالًا فُوجِد» (لو15: 32).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx