اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون09 مارس 2018 - 30 أمشير 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 9-10

اخر عدد

ليس لي إنسان..

القس ابراهيم عازر

09 مارس 2018 - 30 أمشير 1734 ش

الإنسان لا يمكن أن يخدم الإنسان في قضية الخلاص...

خلاص الإنسان هو القضية الأولى في المسيحية. فالمسيحية برغم أن لها أبعادًا كثيرة، منها ما هو اجتماعي وأخلاقي وثقافي، ولكنها في حقيقتها وجوهرها هي قصة الخلاص. وحتى الكتاب المقدس هو كتاب روحي خلاصي، يشرح لنا قصة الخلاص منذ الخلق، والسقوط، مرورًا بالفداء الذي استلزم التجسد، وأثمر انسكاب الروح القدس وتأسيس الكنيسة، وينتهي بنا المطاف في الأبدية السعيدة، حيث المجد السمائي حول العرش الإلهي. فتجديد الإنسان هو هدف الإيمان، وخلاص الإنسان هو جوهر رسالة المسيح. فالرب يسوع هو المخلص الوحيد، الذي ليس بأحد غيره الخلاص. ولقد جاءت حياته بالجسد بكل تفاصيلها ومعجزاتها تعبيرًا وإعلانًا عن رسالته الخلاصية، فمعجزته الأولى والعظمى هى موته وقيامته (آية يونان النبي) أي صليبه، الذى صار لنا سر خلاص وحياة وتجديد.

المفلوج هنا يُمثِّل إسرائيل الذي ظل تائهًا في البرية ثمانٍ وثلاثين سنة (تث2: 14). وأيضًا يمثّل كل البشرية التي ظلَّت قبل مجيء المسيح عاجزة وقد شلَّتها الخطية، وطرحتها بلا قوة، وأفقدتها إرادتها، لقد طرحت الكثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء.

تمت هذه المعجزة في عيد لليهود هو عيد الفصح. مع أن المسيح كان ساكنا في الجليل، إلّا أنه صعد إلى أورشليم في ذلك العيد، ودخل من باب الضأن الذى كانت تدخل منه الحملان إلى الهيكل لتُقدَّم ذبائح عن خطايا الشعب. فالرب يسوع هنا يعلن عن عجز الناموس والشريعة والأنبياء عن خلاص الإنسان. فلا الشريعة استطاعت أن تجدده، ولا رسالات الأنبياء نجحت في تهذيبه. لا الذبائح خلّصته، ولا السبت حرّره، ولا الختان جدّده، ولا الملائكة يمكن أن تشفيه من مرض الخطية، بل فشلوا وعجزوا تمًامًا عن إدراك خلاص الله. فالخليقة قاطبة بكل وسائلها عجزت وفشلت في تحريك الإنسان نحو لله. ولذلك جاء المخلص الى بركة بيت حسدا (بيت الرحمة) ليصنع رحمة مع المفلوج المطروح والمسلوب الإرادة. الخلاص هو مبادرة إلهية، تحرُّك إلهي نحو الإنسان. العجز الإنساني يقابله تحرُّك إلهي، والموت البشري يستلزم حياة إلهية. لذلك تحرك مخلصنا الصالح، حمل الله الذي يرفع خطية العالم. وبينما تعلن البشرية بلسان المفلوج «ليس لي إنسان»، يعلن الرب يسوع أنه "ذاك الإنسان، الإنسان الكامل"، الذي بحثت عنه البشرية طويلًا، وعندما ختمت عجزها وانطرحت بلا حراك، جاء هو بنفسه، ليقرر أن الانسان لا يمكن أن يرتفع ليصل لله، ولكن الله يمكن أن يأتي ويتنازل للإنسان.

في شخص المسيح تتجسد حقيقتان، حقيقة الله وحقيقة الإنسان. بدون المسيح يبقي الله بعيدًا ووحيدًا ومنفصلًا ومنعزلًا عن بشريتنا وحياتنا وطبيعتنا، مجرد فكرة أو قوة. وبدون المسيح يظل الإنسان راكدًا في هوة الخليقة الترابية، يبقي الإنسان الجديد مجرد حُلم، والحياة الجديدة ليست سوى وهم، لإنه إن كان أحد في المسيح يسوع فهو خليقة جديدة. فالرب يسوع لم يكن مجرد نبي ليتنبأ عن مجيء آخر، ولا رسول ينتهي عند إتمام رسالته، بل هو بالحقيقة ابن الله بالطبيعة، والذي صار بالحقيقية ابنًا للإنسان، وشابهنا في كل شيء ما عدا الخطية وحدها. حتى يجددننا ويرفعنا أن نكون بالنعمة أبناء لله، صائرًا لنا موضعًا في حضنه. من هنا ندرك أن المسيح هو حاجتنا الوحيدة، ورجاؤنا الذي لا يخيب.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx