اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون31 أغسطس 2018 - 25 ميسري 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 33-34

اخر عدد

صفحات مجهولة من تاريخ مدارس الأحد (1)

سينوت دلوار شنوده

31 أغسطس 2018 - 25 ميسري 1734 ش

بمناسبة مئوية مدارس الأحد نستعرض في هذه السلسلة من المقالات بعض الصفحات المجهولة من تاريخ مدارس الأحد في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية التي ربما طواها الزمن أو كادت أن تخبو من ذاكرة التاريخ. وليس هدفنا مجرد سرد للتاريخ ولكن استخلاص دروس هامة من رحلة مدارس الأحد.

1- رحلة الاسم

عبر اسم "مدارس الأحد" رحلة طويلة عبر تاريخها في العصر الحديث، والبداية كانت مع مولد القرن العشرين، فمع بداية التعليم النظامي الحديث من منتصف القرن التاسع عشر قلَّ الاهتمام بالمدارس الأولية التي كانت تمثلها الكتاتيب الملحقة بالكنائس، وأرسل الشعب القبطي أولادهم للتعليم بالمدارس الأميرية وغيرها. وقلَّ تبعًا لذلك الاهتمام بالتعليم الديني الكنسي، وأدّى ذلك إلى انصراف النشء والشباب عن الكنائس التي كان من المألوف في ذلك الوقت اقتصار روادها على الشيوخ والعجائز من كبار السن دون الشباب والأطفال. ولقد راودت ذهن بعض المحبين للخدمة، وخاصة الشماس حبيب جرجس، فكرة تعليم وتربية الأطفال والشباب على العلوم الكنسية والروحية وتلمذتهم في الكنيسة، لأنه رأى أن إصلاح الكنيسة لابد أن يعتمد على التعليم، ولذا ظهرت بعض الجهود لتعليم الأطفال والفتيان في أماكن مختلفة من القطر المصري، وخاصة في القاهرة، ولكن لم تكن كلها ناجحة، وقام بها طلاب الإكليريكية، وبعض المحبين للخدمة. وعلى كل حال، رغم عدم نجاح هذه التجارب الروحية التربوية، لكنها كانت تمهيدًا ضروريًا لظهور مدارس الأحد بشكل محدد وقوي.

فكان أن شجع البابا كيرلس الخامس خدمة تربية وتعليم الأطفال، أولادًا وبنات، واستضافهم في الكاتدرائية بالإضافة إلى استضافتهم في المدرسة القبطية التي تقع بجوار الكنيسة. وكان له علاقة طيبة بالشماس حبيب جرجس الطالب المجتهد الذي كلّفه بتدريس الدين لطلبة المدرسة الإكليريكية وهو لم يزل طالبًا بها، وفتح له المكتبة البطريركية التي تحوي كنوزًا من المخطوطات وكتابات الآباء. فبدأ الشماس حبيب جرجس يغترف منها وينهل من نهر المعرفة الذي وقع تحت يديه. وأدرك مقدار ضعف التعليم والحاجة إلى منظومة جديدة لتعليم النشء والأطفال مبادئ الإيمان وأسس العقيدة. وما لبث أن تخرج من المدرسة الإكليريكية، وحصل على إجازتها وتعيّن مدرسًا بها، وبدأ يهتم بتعليم الأطفال في كنيسة العذراء بالفجالة عام 1898م. وساعده فيها طلبة الإكليريكية وخريجوها، ودعا هذه الخدمة "جامعة أشعة محبة يسوع"، وكان هذا هو الاسم الأول. وبعد سبعة سنوات أي عام 1905م اُخُتصِر اسمها إلى "جامعة المحبة" وتخصيصها لتعليم وخدمة الأطفال والشباب. وزاد عدد الأطفال التابعينه لها حتى وصل إلى 500 طفل. ثم افتتح الشماس حبيب جرجس فروعًا لها في أنحاء القطر. وقد اهتم الشماس حبيب جرجس بعد تخرُّجه من الإكليريكية بإنشاء فروع لتعليم الأطفال الأولاد والبنات في بعض الكنائس مثل كنيسة العذراء بالفجالة واستخدم فيها طلبة الإكليريكية. ولكن الفكرة لم تنجح تمامًا. ولم تستمر.

عندما وصلنا إلى عام 1918م كانت مشاعر الأستاذ/ حبيب جرجس قد تعلَّقت بشدة بإنشاء مدارس لتعليم الأطفال والفتيان تعليمًا روحيًا في الكنيسة، وذلك لسد النقص الذي تركته المدارس الأهلية والأميرية بإهمالهما تدريس الدين المسيحي بهما. وأيضًا لتعويد الأطفال والشبان حضور الكنيسة وتزويدهم بعلوم الدين، على حد تعبير الشماس حبيب جرجس بنفسه. وكان في نفس الوقت قد اتفق القمص سلامة منصور والأستاذ/ يوسف إسكندر على إنشاء "جمعية الطفل يسوع" للاهتمام بالتعليم الروحي للنشء، وطلبا من الشماس حبيب جرجس الانضمام لهما فعرض عليهما مشروع "مدارس الأحد" الذي كان قد أعدَّه وخطط له من قبل. فلما اعترضا على التسمية فقام بتغييرها باسم "إنجيل الأحد للمدارس" وكان هذا هو الاسم الثالث لها. وبدأت نشاطها في الكنيسة المرقسية الكبرى بكلوت بك. فقدَّمت تعليمًا لأطفال المدارس الحكومية يوم الجمعة والمدارس الخاصة أو الأهلية يوم الأحد. وتم إعداد منهج لهذه المدارس وكانوا يقومون بطبع كل درس على أربع صفحات لشرح إنجيل قداس الأحد مضافًا إليه بعض التعاليم والدروس والتأملات.

ولما نجح العمل أعاد الشماس حبيب جرجس الاسم الأول وهو "مدارس الأحد" إليها والتي ظل هو الاسم الأشهر والمتعارف عليه طوال رحلة مسيرتها. وتكونت تبعًا لهذا اللجنة العليا لمدارس الأحد، وفي بداية الأربعينات من القرن العشرين وعندما بدأت تأثير مدارس الأحد يتعدَّى الأطفال إلى الآباء والأمهات عن طريق غير مباشر عندما لمسوا قيمتها في حياة أولادهم الذين نقلوا رسالة الحياة إلى أسرهم، ولما زاد الاطمئنان إلى مدارس الأحد، أصبح مدرسوها أي خدامها هم شمامسة الكنيسة الذين يقومون بالواجب الرعوي في مساعدة الإكليروس. ومع اتساع الخدمة في الكنيسة ازدادت مسئولية مدارس الأحد، فتفرَّغ بعض الخدام لافتقاد فئات أخرى من الشعب بجانب الأطفال، فبدأت فصول العمال في الانتشار، ثم فصول خاصة للقرويين والأميين، ثم نمت خدمة الشباب فتم تأسيس قسم خاص بهم عُرف بجامعة الشباب القبطي، وأصبح الاسم الشائع للجنة العليا هو "مدارس الأحد وجامعة الشباب القبطي".

في النصف الثاني من الخمسينات من القرن العشرين وبالذات في فترة خلو الكرسي المرقسي، تركت الانتخابات البطريركية واللائحة الجديدة ظلالاً من اختلاف في وجهات النظر بين رواد مدارس الأحد من الجيل الثاني، والذي كان بعض رموزه مرشحًا للانتخابات البابوية قبل تعديل اللائحة. وتم الاتفاق على شرط عدم تدخل مدارس الأحد ولا أي من فروعها في الانتخابات البابوية بأي صورة من الصور. وقام الدكتور/ وهيب عطاالله الذي كان يشغل منصب نائب غبطة الرئيس بوضع لائحة جديدة لمدارس الأحد باسم "لائحة اللجنة العليا للتربية الكنسية (مدارس الأحد) وجامعة الشباب القبطي بالكرازة المرقسية". وبهذا تم تغيير اسم مدارس الأحد التاريخي المُحبَّب إلى "مدارس التربية الكنسية".

وعلى الرغم من هذه الرحلة الطويلة للاسم ظل اسم "مدارس الأحد" الاسم الذي اختاره القديس الأرشيدياكون حبيب جرجس هو الاسم المحبب والأكثر شهرة والمتعارف عليه مهما اختلف اليوم اليذي تنعقد فيه مدارس الأحد، سواء الجمعة أو الخميس أو الأحد أو أي يوم آخر، فهي تظل بين الخدام والمخدومين مدارس الأحد.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx