اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون28 سبتمبر 2018 - 18 توت 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 37-38

اخر عدد

حياة الغربة

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

28 سبتمبر 2018 - 18 توت 1734 ش

يحدث معلمنا بولس الرسول أهل مدينة كورنثوس عن الإحساس بالغربة على الأرض، ويحاول أن ينقلهم من سلبية التفكير في مشاعر الرحيل عن العالم، ويدفعهم إلى إيجابية الفرح والاستعداد للسماء، فيحدثهم قائلًا: «لأنَّنا نَعلَمُ أنَّهُ إنْ نُقِضَ بَيتُ خَيمَتِنا الأرضيُّ، فلَنا في السماواتِ بناءٌ مِنَ اللهِ، بَيتٌ غَيرُ مَصنوعٍ بيَدٍ، أبديٌّ. فإنَّنا في هذِهِ أيضًا نَئنُّ مُشتاقينَ إلَى أنْ نَلبَسَ فوقَها مَسكَنَنا الّذي مِنَ السماءِ. وإنْ كُنّا لابِسينَ لا نوجَدُ عُراةً. فإنَّنا نَحنُ الّذينَ في الخَيمَةِ نَئنُّ مُثقَلينَ، إذ لَسنا نُريدُ أنْ نَخلَعَها بل أنْ نَلبَسَ فوقَها، لكَيْ يُبتَلَعَ المائتُ مِنَ الحياةِ. ولكن الّذي صَنَعَنا لهذا عَينِهِ هو اللهُ، الّذي أعطانا أيضًا عَربونَ الرّوحِ» (2كو5: 1-5). هو في هذا يتحدث عن بركات الإحساس بالغربة على الأرض وهي:

1- الإحساس بالغربة يجعلك تشتاق دائمًا للوطن السماوي ويجعلك تشعر دائمًا أن السماء هي رجاؤك ومحل تعزيتك «فإنَّنا في هذِهِ أيضًا نَئنُّ مُشتاقينَ إلَى أنْ نَلبَسَ فوقَها مَسكَنَنا الّذي مِنَ السماءِ. وإنْ كُنّا لابِسينَ لا نوجَدُ عُراةً»، وبالتالي يدفعك دائمًا أن تعمل ما يؤهلك للوصول إلى هناك، ويجعلك تسأل نفسك دائمًا: هل ما أعمله يساعدني أن أصل إلى السماء؟

2- الإحساس بالغربة يجعلك تحتفظ دائمًا بانتمائك إلى وطنك الأصلي وهو بالتالي يدفعك للارتباط بالكنيسة التي هي صورة السماء، فتجد راحتك فيها وفي عشرة قديسيها «فإذًا نَحنُ واثِقونَ كُلَّ حينٍ وعالِمونَ أنَّنا ونَحنُ مُستَوْطِنونَ في الجَسَدِ، فنَحنُ مُتَغَرِّبونَ عن الرَّبِّ».

3- الإحساس بالغربة يحفظك سالكًا بالحرص والتدقيق في حياتك، فالغريب يسعى دائمًا أن يقدم نفسه نموذجًا طيبًا عن الوطن الذّي ينتمي إليه. فيحسب كل كلمة وكل تصرف، وهو بهذا يثبت حقيقة سعيه وجدية طلبه أن يرضي الرب كل حين «لأنَّنا بالإيمانِ نَسلُكُ لا بالعيانِ. فنَثِقُ ونُسَرُّ بالأولَى أنْ نَتَغَرَّبَ عن الجَسَدِ ونَستَوْطِنَ عِندَ الرَّبِّ. لذلكَ نَحتَرِصُ أيضًا -مُستَوْطِنينَ كُنّا أو مُتَغَرِّبينَ- أنْ نَكونَ مَرضيّينَ عِندَهُ» (2كو5: 7-9).

4- الإحساس بالغربة يدفعك للتمسك بالوعود الإلهية التي يعطيها لك الرب، ويثبتك في الطريق الروحي، ولا يجعل الآلام التي تواجهك طيلة حياتك تُفقدك رجاءك، بل تبقى فرحًا أنك يومًا من الأيام ستخلغ هذه الخيمة التي لبستها لتستوطن في السماء، في بناء جديد غير مصنوع بيد، بل أعدّه الرب نفسه من أجلك أنت.

لذلك في كل مرة ينتابك شعور بالغربة على الأرض، افرح ولا تحزن، واعلم أن هذا الشعور يجب ألّا يلقيك في الحزن أو القنوط، بل ينبغي أن يدفعك بالأكثر للفرح، لأنك هناك ستنال مجازاة تعبك وجهادك، ويدفعك بالأكثر لتكون مستعدًا لملاقاة الرب بفرح في وطنك السماوي عندما تنتهي أيام غربتك، لتجد لك مسكنًا جديدًا لا يشابهه أجمل مساكن الأرض بحسب وعده الإلهي الذي لا يكذب أبدًا...

ابني الحبيب... كن فرحًا دائمًا.. وعندما تجد نفسك غريبا.. تذكر أنك لست من هذا العالم فأنت مواطن سماوي... كن معافىً.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx