وردت نبوة عن السيد المسيح في الإصحاح الثاني والعشرين من سفر إشعياء كما يلي:
«فَيَكُونُ أَبًا لِسُكَّانِ أُورُشَلِيمَ وَلِبَيْتِ يَهُوذَا. وَأَجْعَلُ مِفْتَاحَ بَيْتِ دَاوُدَ عَلَى كَتِفِهِ فَيَفْتَحُ وَلَيْسَ مَنْ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلَيْسَ مَنْ يَفْتَحُ. وَأُثَبِّتُهُ وَتَدًا فِي مَوْضِعٍ أَمِينٍ وَيَكُونُ كُرْسِيَّ مَجْدٍ لِبَيْتِ أَبِيهِ وَيُعَلِّقُونَ عَلَيْهِ كُلَّ مَجْدِ بَيْتِ أَبِيهِ» (إش22: 21-24).
ومما يؤكّد أن هذه النبوة تخص السيد المسيح هو ما ورد على لسان السيد المسيح نفسه عندما ظهر لتلميذه يوحنا الرسول الإنجيلي وتم تدوينه في سفر الرؤيا كما يلي: «اكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي فِيلاَدَلْفِيَا: هَذَا يَقُولُهُ الْقُدُّوسُ الْحَقُّ، الَّذِي لَهُ مِفْتَاحُ دَاوُدَ، الَّذِي يَفْتَحُ وَلاَ أَحَدٌ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلاَ أَحَدٌ يَفْتَحُ» (رؤ3: 7).
الصليب ومفتاح داود
والآن يلزمنا أن نتأمل في معنى "مفتاح داود" الذي ورد في هذه النبوة، ثم تأكد في كلام السيد المسيح في سفر الرؤيا.
نلاحظ أن ما ورد في سفر إشعياء قد جعل المفتاح على كتف السيد المسيح. ولا يخفى أن السيد المسيح قد حمل الصليب على كتفه وهو خارج ليصلب كما ورد في إنجيل يوحنا «فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ. فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَوْضِعُ الْجُمْجُمَةِ وَيُقَالُ لَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ جُلْجُثَةُ» (يو19: 17).
ونفهم من ذلك أن مفتاح داود هو صليب السيد المسيح في أحد معانيه الأساسية والذي بواسطته قد تم الفداء والخلاص، واقتحام الجحيم وفك المأسورين، وفتح الفردوس وإدخال الذين رقدوا على رجاء الخلاص إليه، وكل ذلك بقوة الصليب «فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ» (1كو1: 18). وعلى الصليب أُعلِنت محبة الآب المجيدة.
تتغنى الكنيسة بالصليب في يوم الجمعة العظيمة وتردد المزمور «كُرْسِيُّكَ يَا اَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. قَضِيبُ الاسْتِقَامَةٍ هو قَضِيبُ مُلْكِكَ» (مز44: 6، عب1: 8). قيل هذا الكلام عن الابن الوحيد الجنس إنه هو الله الذي ملك على كرسيه وهو عرش الصليب. وورد في المزمور «أن الرب قد ملك على خشبة» (مز 95: 10 حسب الترجمة السبعينية).
ولكن يجب أن نمتد بفكرنا إلى ما بعد الصلب أي إلى الانتصار على الجحيم وعلى الموت والقيامة والصعود إلى السماء حيث «جَلَسَ عَنْ يَمِين اللهِ» (مر16: 19). فالعرش الحالي للسيد المسيح هو عرشه السمائي بالرغم من أنه ملك على خشبة الصليب واشترانا بدمه، فصرنا ملكًا له، كقول القديس بولس الرسول «لأَنَّكُمْ قَدِ اُشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ للهِ» (1كو6: 20).