اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون09 نوفمبر 2018 - 30 بابه 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 43-44

اخر عدد

يا رب ارحم

القمص بنيامين المحرقي

09 نوفمبر 2018 - 30 بابه 1734 ش

من أكثر الطلبات التي نرفعها في الصلاة: يا رب ارحم، فالرحمة έλεος تعني التعطف الذي ينشأ عندما نرى معاناة شخص آخَر. فهي هبة، عطية، ونعمة مجانية.

وقد جاءت الكلمة العبرية في العهد القديم تحمل معنى التزام طرفين بعهد بينهما، فقد تعهدنا الرب برحمته: «مَحَبَّةً أَبَدِيَّةً أَحْبَبْتُكِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَدَمْتُ لَكِ الرَّحْمَةَ» (إر31: 3)، لذلك يصرخ معلمنا داود النبي قائلًا «اذْكُرْ مَرَاحِمَكَ يَا رَبُّ وَإِحْسَانَاتِكَ لأَنَّهَا مُنْذُ الأَزَلِ هِيَ» (مز25: 6).

وفي العهد الجديد تجلت الرحمة في الصليب، الرحمة المخلِّصة «مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ» (1بط1: 3). فآلام المسيح إلهنا الخلاصيّة هي عمل الرحمة بعينه، لذلك في صلوات الأجبية نصلي كيرياليسون 41 مرة، وكما يذكر "يوحنا بن سباع" أنها تشير إلى الـ39 جلدة التي جُلد بها السيد المسيح، بالإضافة إلى إكليل الشوك، والطَّعن بالحربة في جنبه (الجوهرة النفيسة في علوم الكنيسة(.

تتجلى الرحمة الإلهية أيضًا في مواهب الروح القدس، فالمعمودية والميلاد الثاني هي عمل رحمة: فيقول القديس بولس الرسول: «لاَ بِأَعْمَالٍ فِي بِرٍّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ خَلَّصَنَا بِغَسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (تي3: 5)، كما يعبّر عن دعوته للكرازة والكهنوت، بأنها عمل رحمة لا عن استحقاق، فيقول: «كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا» (1كو7: 25).

إننا عندما نصلي قائلين يا رب ارحم" نعترف بالآتي:

1– سيادة الله وسلطانه: فعندما نقول "يا رب" أي "يا سيد"، فهو «مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ» (رؤ19: 16). والسيد هو الغني الذي يملك، وهو «الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْء» (تك48: 3)، لذلك هو «أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلَهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ» (2كو1: 3)، و«كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ» (يع5: 11)، والرحمة والصلاح من صفات الله الأزليّة.

2– نعترف بضعفنا وخطيئتنا وعجزنا: ما أجمل العبارات التي يصليها الكاهن في الصلوات السرية، فيصلي في صلاة الحجاب قائلًا: [ياسيدنا لا تردنا إلى خلف إذ نضع أيدينا على هذه الذبيحة المخوفة غير الدموية، لأننا لا نتكل على برنا، بل على رحمتك، هذه التي بها أحييت جنسنا].

3– طلب الرحمة من الله، يحرّر الإنسان من كبريائه، وينقيه من البر الذاتي: لأنه ليس بمقدرتي ولا سلطاني، بل من الله، لذلك نكرر طوال القداس "كيرياليصون – يا رب ارحم". فالمسيح إلهنا «افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا» (غلا3: 13)، لكي به «نَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ» (2كو5: 21). فالبر والصلاح النسبي الذي فينا هو من الله. لذلك نصلي دائمًا [إجعلنا مستحقين... نحن عبيدك الخطاة غير المستحقين... نحن الأذلاء غير المستحقين... ضعفي أنا المسكين...].

4– كما نطلب الرحمة من الله، لابد أن يتصف أبناء الله بالرحمة: فكما يعلمنا المسيح إلهنا: َ«كُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضًا رَحِيمٌ» (لو6: 36). يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: [ليس شيء يجعلنا مساوين لله سِوى فعل الصلاح (الرحمة)] (تفسير إنجيل متى 35: 6)، كما أن الرحمة تنجينا من الحكم، فيقول القديس يعقوب الرسول: « لأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ بِلاَ رَحْمَةٍ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ رَحْمَةً، وَالرَّحْمَةُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْحُكْمِ» (يع2: 13). ونصلي في صلاة نصف الليل، قطع الخدمة الثالثة: [ليس رحمة في الدينونة لمن لم يستعمل الرحمة].




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx