اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السادسة والأربعون21 ديسمبر 2018 - 12 كيهك 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 49-50

اخر عدد

سنة الرب المقبولة

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

21 ديسمبر 2018 - 12 كيهك 1734 ش

«روح السيد الرب عَلَيَّ لأن الرب مسحني لأبشر المساكين..أرسلني لأعصب منكسري القلب، لأنادي للمسبين بالعتق، للمأسورين بالإطلاق.. لأنادي بسنة مقبولة للرب وبيوم انتقام لإلهنا، لأعزّي كل النائحين»..

1- السنة المقبولة: أي العمر الذي يقبله الله لمرضاته.. لقد عانت الأرض كثيرًا من اللعنة والغضب واشتهت الرضا والقبول بعد الضعف والذبول.. والمتكلم هنا السيد المسيح الذي من خلاله كان القبول الحقيقي.. ففيه قُبلت البشرية واستراح الروح القدس في الطبيعة البشرية من جديد.. ورضي قلب الله واستراح، لذلك لا قبول إلا من خلال الروح القدس وعمل السيد المسيح والثبات فيه، لأنه الوحيد المقبول لدي الأب: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت». يقول القديس كيرلس الكبير: "لقد وعد الله أن يعطي الروح مرة ثانية للبشرية، ولم تكن هناك طريقة أخري لذلك إلا بربنا يسوع المسيح". ويؤكد ذلك القديس كيرلس الأورشليمي فيقول: "أضاء الروح القدس في كمال وجوده على الرب يسوع، وبذلك وُهبت لنا المسحة المقدسة التي بها ننال روح الله وعطاياه". ويصوِّر القديس أغسطينوس أهمية ذلك للسنة المقبولة (حياتنا المقبولة) فيقول: "يعمل روح الله ليشركنا في حياه مع الله فتنسكب محبه الله فينا وهذه الشركة دائمة". لأن روح الله بالنسبة للكنيسة كالروح لجسد الإنسان.. إنها محبة الله الفائقة أن يستودع روحه فينا، فبالروح تصالحنا مع الله، وصارت لنا المسرة والبهجة، ونجتمع كشعب الله في واحد، ويُطرَد الروح الشرير الذي يقسمنا.. وتأتينا نار حرارة الحب من روح الله.

2- السنة المقبولة: التي فيها يُعتق المسبيون ويُطلق المأسورون فيتعزي كل النائحين.. وأول القبول هو للتائبين.. والتوبة هي عودة حقيقية لله لإصلاح كل ما أفسدته الخطية حتي تكون السنة (العمر) مقبولة..

تأملات حول التوبة:

مشكلتنا الأولى هي النظرة السطحية للخطية بينما الأخطر في النظرة العميقة ومثال لذلك:

1- الكذب: ليس مجرد إنكار للحقيقة للتغطية على أخطاء الإنسان وإنما خوف من الناس، عدم خوف من الله، ضعف إيمان... إن كان الله موجودًا له مخافته في قلبي، فوجود الناس هو لكي أحبهم وليس لكي أرهبهم.. فالذي يخاف الله لا يرتعب من أحد بل يسعى لإرضاء الخالق وحده، فالمهم هو إرضاء الله حتى لو لم يرضَ عنه المخلوق.. لأن المخلوق لا يخيفني..

2- الشهوة: ليست مجرد غريزة وإنما تُعطى للحب.. فالذي يحب الله يشبع بحبه ويشبع بكل حب نابع من الله عن طريق البشر (الأبوي-الزوجي-الروحي).. أمّا الشهوة الغريزية الخاطئة فهي مفسدة لكل كيانات الروح.

3- التوبة هي محاربة الهوى الداخلي في النفس: فالشر لا يوجد خارج الإنسان وإنما داخله.. مهما كانت جاذبية الشر من الخارج لا تستجيب له النفس إن لم يكن الشر مُلِحًّا من الداخل.. مثال لذلك: يوسف الصديق انتصر لأنه كان نقيًا من الداخل، وداود سقط لأنه اشتهى (مَنْ نظر ليشتهي فقد زني بقلبه).. علينا أن نتجنّب العثرات حتى لا تدخل في القلب فتجذبنا للشر... ممكن أن تهرب من كل شر خارجك – ولكن أين تهرب من الشر الذي بداخلك؟!

4- التوبة والاعتراف: لذلك يلزمك أن تعترف بخطئك فهذه أول خطوة في التغيير، أن يدرك الإنسان حقيقة نفسه ويريد التغيير للأفضل، مريض يبحث عن علاج «لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى... ما جئت لأدعو أبرارًا بل خطاه إلى التوبة».

5- التوبة ومعرفة إرادة الله: التوبة تعني الرجوع إلى الله كنتيجة للقناعة الداخلية.. والتوبة هي تغيير الفكر وإصلاح المعرفة الخاطئة والخبرة الشريرة التي تنادى الإنسان بإلحاح.. فالخطية تُفسد الإنسان وتجعل فكرة فاسدًا وقلبه فاسدًا وجسده فاسدًا (داخليًا) قبل التصرفات الخارجية..مثال البخل: مشكلته داخلية في محبة المال والسيطرة به على الناس، أمّا الإنسان الصالح فهو الذي يحب الله والناس ويقدم المال لأجلهم. ليس هناك عدو لك خارجك وإنما عدوك هو داخلك.. فطالما الشيطان في الخارج فلا تخف منه، ولكن إن صار فكرة داخلك فلك أن تخاف لأن العدو صار داخلك (أنت عدو نفسك).. فلنبدأ بدءًا حسنًا.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx