اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الحادية والأربعون30 أغسطس 2013 - مسرى 24 ش 1729 العدد 33-34

اخر عدد

لا تخافوا ولا تنزعجو

مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث

30 أغسطس 2013 - مسرى 24 ش 1729

دعاني إلي الكتابة في هذا الموضوع‏,‏ أني رأيت كثيرين خائفين‏,‏ بل أري البعض منهم مرتعبين‏,‏ وكثيرا من الصحف‏,‏ بما تنشره من موضوعات مثيرة‏,‏ ومن صور مثيرة أيضا‏,‏ تبث الخوف من قلوب قرائها‏,‏ مثال ذلك عبارة مثل‏[ مصر تحترق].. أو قولهم, حرقوا مصر, وأضاعوا الثورة!!] أو عبارة, تدمير الدولة وإسقاطها].. أو عبارة, ضاعت البلاد وتحولت إلي خرابة!!] كلها عبارات صعبة غير مقبولة, لست أدري كيف دار معناها في ذهن ذلك الصحفي وهو يكتبها
 وإلي جوار هذا كله, الدخول في تفاصيل مزعجة, تسندها أيضا صورة مثيرة,وعناوين من نفس النوع.. أي موضوعات تثير الخوف أو الحزن أو كليهما. مثل ما ينشرونه عن محاولات لإسقاط الدولة.والدخول في أحداث صعبة مثل: سرقة بنوك وسيارات ونهب بعض المحلات التجارية,مع عدد من حوادث الخطف وطلب الدية, اقتحام أقسام الشرطة والسجون, وتكرر أحداث السرقة والنهب.. وحوادث كرة القدم, وأعداد القتلي والمصابين.
 ويدخل هؤلاء الصحفيون أيضا في موضوعات سياسية, لاينتهون منها إلا إلي البلبلة, ومن غير حل! وبغير حل!! مثل سؤال البعض منهم: متي تسلم السلطة؟! وأيضا لمن؟ مع كلام طويل عن المخربين, ومثيري الفتنة, وعن الانقسام وأنواعه وعن المظاهرات والمليونيات, وعن مشكلة النقد الاجنبي, ومشكلة القروض والعلاقة مع سائر الدول مما يحتاج إلي آراء المتخصصين.
وكل هذا وأمثاله قد يزعج القاريء العادي, ولاينتفع منه بشيء!.. ولهذا رأيت أن أكتب لكم: لاتخافوا ولاتنزعجوا!
 ان الخوف يا أخوتي شيء جديد علي البشرية, منذ خلق الله الانسان, لم يكن الانسان يخاف, ولم يعرف الخوف إلا بعد الخطية, وبعد مقتل هابيل البار.
ثم تدخل الشيطان فجعله يخاف من الموت, يخاف من الموت ومن كل ما يوصل إليه, فيخاف من الامراض وبخاصة من الامراض الثقيلة الموصلة إلي الموت, ثم من المتاعب والضيقات.
 ان الحياة فيها الحلو والمر: فإن ركز الانسان علي المر, حينئذ سيتعب منه ثم يخاف ويخاف من كل ما هو مر, أو ما يراه هو مرا وبالتالي من الأحداث التي يراها متعبة أو من الأحداث التي يتصور أنها ستحدث وهي متعبة, ومن المشاكل التي قد تحدث, وليست لها حلول في ذهنه, وهكذا شيئا فشيئا يبدأ الخوف يستقر في نفسه, ويخاف من المجهول.
 إذا كان الطفل الصغير يخاف إذا ما جلس وحده, إذ ليس هناك ثان ليؤنسه ويعينه, فماذا إذن عن الكبار وأصحاب الفكر الكبير؟!
 الذي لا يخاف, يلزمه أن تكون له شخصية قوية من النوع الذي لا يهتز بسرعة ولا يضطرب بسرعة, وإنما يسلك بهدوء فكرا وعملا, ويلزمه أيضا أن تكون له أعصاب هادئة, فالانسان الغضوب ما أسهل أن يخاف, أقصد أن يخاف من نفسه, إذ هو سريع السقوط, وسقوطه يخيفه.
 يخاف الانسان اذا ما ساءت سمعته, فسمعته أمام الناس هي ميزان شخصيته وقدر مكانته وقدره في نظرهم, وهذا الخوف هو خوف ذاتي, وان كانت له أسباب خارجية هي وسائل حفظ السمعة سليمة بعيدة كل البعد عن الرياء والمظاهر الخارجية.
وتنضم إلي هذه النقطة, حفظ الانسان لسمعة بيته وأولاده, فإن ما يمسهم يمسه هو بلا شك.
 يوجد من الخوف نوعان: نوع نافع هو الخوف من السقوط, والخوف من جرح مشاعر الآخرين, وكلاهما للخير, ونتائجها طيبة, أما الخوف الضار فهو النابع من ضعف في الشخصية, فهو لا ينفع صاحبه وهو لا ينفع غيره.
 فوق كل نوع من أنواع الخوف, توجد مخافة الله وبها يخاف الانسان أن يكسر وصاياه, أو يعطي أي أمر من أوامره, أو أن يبعد عن الحياة معه, أو أن ينفصل عن بيته المقدس وفي مخافته لله, يحب حياة البر والتقوي. وأحيانا عبارة: انسان يخاف الله تحمل أسمي ما يمكن أن ينسب اليه من الفضيلة,وتدعو إلي الاطمئنان إليه.
, علي أن مخافة الله هي بالضرورة أيضا خطوة مهمة توصل إلي محبته, فالذي يخاف الله, لابد أنه سيسلك في وصاياه, فاذا ما سلك فيها,يحبها, وبالتالي يحب الله معطيها, وأيضا يحب الله في محبته لهذه الحياة صار أنقي وأفضل, وتلقائيا يجد نفسه قد انتقل من مخافة الله إلي محبة الله.
 أما عبارة لا تنزعجوا فتعني لا تفقدوا سلامكم الداخلي الذي هو هام لكم, وهام أيضا في تعاملكم مع الناس, وهام ايضا في مظهركم الخارجي وتقدير الناس لكم..والشخص المنزعج لا يعرف أن يتصرف حسنا في أي أمر من الامور, إلا لو تخلص أولا من هذا الانزعاج, وعاد إلي الهدوء الطبيعي, ومن هنا يبدأ..
 وعدم الانزعاج هو الحالة الطبيعية للحياة العامة, ففي كل مناحي الحياة في الاقتصاد, في التعليم, في الحياة العامة, في التعامل مع الآخرين, لابد أن يكون الانسان هادئا غير منفعل, لكي يكون مقبولا من غيره, ولكي يصل إلي نتيجة سالمة.
 أما من جهة المشاكل والمتاعب التي وردت في مقدمة هذا المقال, فإن لكل مشكلة حلا أو جملة حلول, لأنك أنت شخصيا لا يمكنك التحرك في كل المجالات, وفي كل التخصصات انما اعمل فيما تستطيعه علي قدر الامكانات التي وهبك الله إياها.
 وأيضا اعتمد علي الله وعلي نعمته وقدرته في كل ما يقابلك من مشاكل ومن أسئلة صعبة, وأيضا اعرف ان لكل مشكلة مدي زمنيا لكي يمكن حلها فيه, فلا تنظر إلي مشكلة وتظن انها لابد ان تحل الآن! هذا كلام غير طبيعي, وعلي رأي المثل: إن الله لم يخلق العالم في يوم واحد.
أعود مرة أخري وأقول: لا تخافوا ولا تنزعجوا.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx