اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الحادية والأربعون30 أغسطس 2013 - مسرى 24 ش 1729 العدد 33-34

اخر عدد

هل الهجرة هروب من الضيقة؟

نيافة الأنبا سرابيون أسقف لوس آنجلوس

30 أغسطس 2013 - مسرى 24 ش 1729

هل الهجرة هروب من الضيقة؟

دوافع الهجرة كثيرة: فالبعض يهاجر ليجد فرص أفضل للحياة، أو لكي يحقّق مستقبل أفضل لأبنائه، أو هربًا لحياته؛ لكن كثيرون يتناولون الهجرة من منظور ديني روحي. هل لو واجه شخص صعوبات في وطنه، هل تركه لوطنه ليجد فرص حياة أفضل هو هروب من الضيقة ومن حمل الصليب؟ كثيرون يحيون في بلاد المهجر لسنوات طويلة ولازالوا يسألون: هل تركنا لمصر هو هروب من الضيقة؟

الأقباط يحبون بلادهم مصر حبًا عظيمًا ويحبون كنيستهم القبطية، ومهما عاشوا في الخارج فقلوبهم مرتبطة بمصر، ومهما قدمت لهم الكنيسة في المهجر من خدمات فكثيرون يشعرون أن شبعهم الروحي الحقيقي هو في مصر. ونجد نفس السؤال عند كثيرين في مصر يفكرون في الهجرة ولكنهم يخافون لئلا تكون الهجرة هروبًا من الضيقة، هروبًا من الله.

قبل أن أتناول الإجابة على هذا السؤال أريد أن أؤكد الحقائق التالية:

1-قرار الهجرة هو قرار شخصي يتخذه كل شخص حسب ظروفه. الكنيسة لا تشجع ولا تمنع أبناءها من جهة الهجرة. فالكنيسة مسئولة عن رعاية المُهاجِر وغير المُهاجِر.

2-الضيقات موجودة في كل مكان وفي كل مجتمع وفي كل زمان ولكنها قد تختلف من مكان لآخر. كثيرون من الذين هاجروا ظنوا أنهم أتوا إلى أرض الموعد ففوجئوا بتحديات كثيرة تنتظرهم. فالضيقة ليست في الظروف الخارجية ولكن الضيقة الحقيقية هي حينما يضيق قلب الانسان أن يحتمل التحديات التي تواجهه فيتعب سواء هاجر أم لم يهاجر.

3-من الناحية الروحية ليس المهم أن يهاجر الإنسان أو لا يهاجر، ولكن المهم أن لا يهجر حياته الروحية فيلجأ مثلاً لأساليب ملتوية وغير قانونية لكي يهاجر أو ليبقى في البلاد التي أتى إليها. فالغاية لا تبرِّر الوسيلة.

4-الله موجود في كل البلاد، والشر والخطية أيضًا، فالذي يريد أن يحيا حياة روحية مقدسة يستطيع بنعمة الله أن يحياها في أي بلد، فعبادة الله غير مرتبطة ببلد معينة، ونعمة الله تعمل في كل مكان.

هل الهجرة هروب من الضيقة؟

أراد هيرودس أن يهلك الطفل يسوع فظهر ملاك الرب ليوسف في حلم قائلاً: «قُمْ وخُذِ الصَّبيَّ وأُمَّهُ واهرُبْ إلَى مِصر...» (متى2: 13)، هاجرت العائلة المقدسة إلى مصر هربًا من بطش هيرودس، وكان مجيئهم بركة خاصة لأرض مصر.

دعا الله إبراهيم: «اذهَبْ مِنْ أرضِكَ ومِنْ عَشيرَتِكَ ومِنْ بَيتِ أبيكَ إلَى الأرضِ الّتي أُريكَ» (تكوين 12: 1) فأطاع إبراهيم، ولكن حدث جوع في الأرض التي أمره الله أن يذهب إليها فهاجر إبراهيم إلى مصر (تكوين 12: 10).

ويقول الكتاب المقدس عن إسحق: «وكانَ في الأرضِ جوعٌ غَيرُ الجوعِ الأوَّلِ الّذي كانَ في أيّامِ إبراهيمَ، فذَهَبَ إسحاقُ إلَى أبيمالِكَ مَلِكِ الفِلِسطينيّينَ، إلَى جَرارَ» (تكوين 26: 1).

يعقوب هرب من وجه أخيه عيسو وذهب إلى خاله لابان في حاران، وعندما شعر بظلم لابان له هاجر هو أسرته وعاد إلى أرض كنعان، وعندما اشتد الجوع في أرض كنعان هاجر يعقوب وبنوه إلى أرض مصر وسكن هناك وقال له الرب: «...أنا أنزِلُ معكَ إلَى مِصرَ، وأنا أُصعِدُكَ أيضًا» (تكوين 46: 3). الله كان مع يعقوب في كنعان وفي حاران وفي مصر. فليس المهم الهجرة من مكان إلى مكان ولكن المهم أن يتمسك الإنسان بالبقاء مع الله.

bishopserapion@lacopts.com


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx