اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون05 أبريل 2019 - 27 برمهات 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 13-14

اخر عدد

في الصوم: افتقدوا الأرامل

القمص بنيامين المحرقي

05 أبريل 2019 - 27 برمهات 1735 ش

الأرملة كما تدلنا الكلمة اليونانية χήρα لا تعني فقط أنها فقدت زوجها، بل يُنظَر إليهن من ناحية خاصة بأنهن في حاجة إلى حماية، لذلك عندما أراد إرميا النبي أن يصف الحالة الصعبة التي وصل إليها شعب إسرائيل نتيجة بعدهم عن الله، قال: «صِرْنَا أَيْتَامًا بِلاَ أَبٍ. أُمَّهَاتُنَا كَأَرَأمِلَ» (مراثي5: 3). وتعود حالتهن الصعبة إلى الوضع القانوني والاجتماعي للمرأة. وقد ضرب السيد المسيح مثل القاضي الذي لا يخاف الله، وجاءت إليه امرأة قائلة: «أَنْصِفْنِي مِنْ خَصْمِي» (لو18: 3). فغالبًا ما تتعرض الأرامل للعوز الماديّ، ويتضح هذا عندما جلس المسيح إلهنا تجاه الخزانة، وجاءت أرملة «وَأَلْقَتْ فَلْسَيْنِ قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ»، فمدحها السيد المسيح، قائلًا: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هَذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ. لأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا. وَأَمَّا هَذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا كُلَّ مَعِيشَتِهَا» (مر12: 41-44).

الاهتمام بالأرامل واليتامى، سواء من ناحية الأمور الجسدية أو الروحية، في المسيح ولأجل المسيح، هو عمل تعبدي:

1- الله هو: «َقَاضِي الأَرَامِلِ» (مز68: 5): ‏فهو الذي يعولهن «اُتْرُكْ أَيْتَامَكَ أَنَا أُحْيِيهِمْ وَأَرَامِلُكَ عَلَيَّ لِيَتَوَكَّلْنَ» (إر49: 11)، وهو الذي يجري العدل لهن: «الصَّانِعُ حَقَّ اليَتِيمِ وَالأَرْمَلةِ وَالمُحِبُّ الغَرِيبَ لِيُعْطِيَهُ طَعَامًا وَلِبَاسًا» (تث10: 18)، فيهتم الله بالأرملة التي يطمع فيها الكثيرون ليسلبوا حقوقها، ويستولوا على ممتلكاتها؛ فهو «يَقْلَعُ بَيْتَ الْمُتَكَبِّرِينَ وَيُوَطِّدُ تُخْمَ الأَرْمَلَةِ» (أم15: 25).

2– الله يوصينا بالحفاظ على حقوق الأرامل والعطف عليهن: يقول في سفر زكريا: «وَلاَ تَظْلِمُوا الأَرْمَلَةَ وَلاَ الْيَتِيمَ وَلاَ الْغَرِيبَ وَلاَ الْفَقِيرَ» (زك7: 10). في العهد القديم أوصى الله أنه عند الحصاد، بعدم جمع ما يبقى في الحقل،‏ ولا يلتقطوا فضلات حصادهم.‏ وإذا نسي حزمة في الحقل، لا يعود ليأخذها. كذلك ترك اللقاط، وزوايا الحقل «للغريب واليتيم والأرملة»‏ (‏تث٢٤: ١٩-‏٢١‏)‏. كما أوصى أن تنتفع الأرامل من عشور المحاصيل في آخر كل ثلاث سنوات (تث14: 28، 29). كما يأمر بدعوتهن إلى ولائم الأعياد (تث16: 11). وعلى ذلك اهتمّ الآباء أن يوصوا بخدمة الأرامل، فيوصي معلمنا القديس بولس الرسول تلميذه الأسقف تيموثيئوس، قائلًا: «أَكْرِمِ الأَرَامِلَ اللَّوَاتِي هُنَّ بِالْحَقِيقَةِ ارَامِلُ» (1تي5: 3). وقد وضع القديس بولس الرسول مبدأً مُنظِّمًا لذلك، حيث أُدرِجت أسماؤهن في قائمة الأرامل، وإذا كانت الأرملة وحيدة تعولها الكنيسة، وإن كان لها أقارب يُلزَمون بمساعدتها (1تي5: 4، 5، 16). كذلك معلمنا القديس يعقوب الرسول يضع معيارًا للديانة الحقيقية، ويميزها عن التدين الكاذب، الظاهري، الخارجي، الذي هو أشبه بالعملة المزيفة «اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللَّهِ الآبِ هِيَ هَذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ» (يع1: 27).

3– سيبارك الله لمن يهتم بالأرامل: اهتم أيوب الصديق بالأرامل، ونال بركة «بَرَكَةُ الْهَالِكِ حَلَّتْ عَلَيَّ وَجَعَلْتُ قَلْبَ الأَرْمَلَةِ يُسَرُّ» (أي29: 13). وقد اهتمت الكنيسة منذ بدايتها، في أيام الآباء الرسل بخدمة الأرمل، بتدبير منظم واختاروا سبعة شمامسة للقيام برعايتهن (أع6: 1)

4- سيعاقب الله من يسيء إلى الأرملة: قد نصَّت شريعة موسى أيضًا:‏ «لاَ تُسِئْ إِلَى أَرْمَلَةٍ مَا وَلاَ يَتِيمٍ إِنْ أَسَأْتَ إِلَيْهِ فَإِنِّي إِنْ صَرَخَ إِلَيَّ أَسْمَعُ صُرَاخَهُ. فَيَحْمَى غَضَبِي وَأَقْتُلُكُمْ بِالسَّيْفِ فَتَصِيرُ نِسَاؤُكُمْ أَرَامِلَ وَأَوْلاَدُكُمْ يَتَامَى»‏ (‏خر٢٢:‏ ٢٢-٢4‏)‏. الله لا يحتمل الظلم، فماذا لو كان هذا الظلم ضد أرملة. وهنا لم يحدد الله عقوبة للقضاة، بل هو نفسه الذي سيعاقب. ومن التهم التي وجهها أليفاز التيماني إلى أيوب، أنه كان يصرف الأرامل فارغات من باب بيته: «الأَرَامِلَ أَرْسَلْتَ خَالِيَاتٍ وَذِرَاعُ الْيَتَامَى انْسَحَقَتْ» (أي22: 9)، ولهذا الاتهام خطورته، إذ يُحسب أنه موجه ضد الله نفسه. فالله قاضي الأرامل وأبو الأيتام. وقد وجه المسيح الهنا الويل للكتبة والفريسين لأنهم يظلمون الأرامل: «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ» (مت23: 14).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx