اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4828 فبراير 2020 - 20 امشير 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 7-8

اخر عدد

الصوم والاستعداد للسماء

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

28 فبراير 2020 - 20 امشير 1736 ش

تذكّرنا الكنيسة دائمًا على مدار العام في صلوات النوم والستار (الخاصة بالآباء الرهبان)، بفكرة انتهاء العمر والوقوف أمام الله في اليوم الأخير، باعتبار أن نهاية اليوم وانقضاء النهار هو مثال لانقضاء العمر. ولا تقصد الكنيسة أن تخيفنا، ولكن لتجعلنا مستعدين لملاقاة الرب. وتقدم قطع الطلبات في هذه الصلوات مادة دسمة للعمل الروحي والاستعداد للوقوف أمام الرب.. ولا يوجد أمر يجعلنا مستعدين للوقوف أمام الرب إلّا الارتباط بحياة التوبة.

والكنيسة تعتبر أن فترات الصوم هي أزمنة مناسبة للتوبة، وفترة استعداد وتنقية للنفس لكي لا يأتي علينا ذلك اليوم كلص. لذلك ففترة الصوم المقدس في الكنيسة فترة يصحبها نشاط روحي عميق، من صوم انقطاعي عن الطعام، إلى قداسات متأخرة للمساء، وتكثيف في القراءات الكتابية، فتضيف الكنيسة قراءة خاصة بفترة الصوم الكبير وهي قراءة النبوات اثناء رفع بخور باكر (والنبوات مشحونة بالدعوة للتوبة)، وطقس الميطانيات (السجود المتكرر أمام الله) لطلب الرحمة والغفران، بالإضافة إلى الألحان النُسكية الخشوعية التي نطلب من الرب فيها الغفران (لأنه ليس عبد بلا خطية، ولا سيد بلا مغفرة).

وفي صلوات الأجبية هناك عدة حقائق تساعدنا على الاستعداد لملاقاة الرب:

+ حقيقة أن العمر سينقضي: وهي حقيقة تذكّرنا بها قطع النوم، لا لتخيفنا ولا لتحزننا لكن لنستعد. فنحن عندما نصلي هذه الصلوات لا نتشاءم، بل نكون يقظين، فالمستعد يطلب من الرب (الآن يا سيد تطلق نفس عبدك بسلام حسب قولك).

+ إن الوقوف أمام الله حقيقة مؤكدة: فنحن اليوم-ونحن في العالم- نعرف الله كإله رحوم ورؤوف، ولكن بعد انقضاء حياتنا سنقف أمامه كديّان عادل (هوذا أنا عتيد أن أقف أمام الديان العادل).. فإذا تركنا العالم غير مستعدين فسنقف أمامه مرتعبين، أمّا إذا أعددنا نفوسنا بالتوبة فسنقف أمامه فرحين بلقياه.

+ تذكر ضعفنا البشري وشراسة العدو الشيطان: (أنت تعلم يقظة أعدائي، وضعف طبيعتي أنت تعلمه يا خالقي). وكأن الكنسية تعلّمنا ألّا نثق بقوتنا أو تقدمنا الروحي، بل نحرص دائمًا ألّا نسلّم أنفسنا للضعف البشري، والتدرُّب على الصوم الانقطاعي هو من أنجح التداريب للتغلُّب على الضعف البشري.

+ الاهتمام بقراءة كلمة الله: لذلك تعلّمنا الكنيسة (أَنِر عينيّ بعظمة أقوالك)، فالارتباط بالقراءات الكتابية الكنسية والشخصية تساعد الإنسان على إدراك ضعفات النفس والتوبة عنها.

+ حقيقة أن أعمالنا كلها مكشوفة أمام الرب: وأن التوبة هي المبرِّر الوحيد للستر، فنحن نشكر الله هنا لأنه سَتَرَنا، أمّا في السماء فسينتهي زمان الستر، وليس ما يستر الإنسان هنا إلّا توبته ورجوعه عن خطاياه (ستنكشف أعمالكِ الرديئة وشروركِ القبيحة أمام الديان العادل).

+ التمسُّك بالرجاء: فالكنيسة تعلّمنا أنه مهما كانت شرورنا عظيمة، ومهما سلّمنا أنفسنا للتهاون أو التقصير أو الكسل، إلّا أن الكنيسة تعلّمنا أن نتخذ صورة العشار ونقرع صدورنا (لكني أتخذ صورة العشار قائلًا: اللهم ارحمني أنا الخاطئ).

+ طلب معونة القديسين: لذلك تخصّص الكنيسة القطعة الأخيرة من الطلبة اليومية في صلوات الأجبية لطلب معونة أمنا العذراء مريم (هيِّئي لي أسباب التوبة.. فإليكِ أتضرّع، وبكِ أستشفع، وإيّاكِ أدعو لكي لا أخزى).


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx