اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة الحادية والأربعون22 فبراير 2013 - 15 أمشير 1729 شالعدد 7و8

اخر عدد

الفكر الكرازي في عقيدة الكنيسة

22 فبراير 2013 - 15 أمشير 1729 ش

تكلمنا في العدد الماضي عن الكرازة كضرورة كتابية ووصية إنجيلية أكد على أهميتها الكتاب المقدس.

واليوم أحب أن أحدّثكم عن الكرازة والعمل الكرازي في فكر الكنيسة القبطية من حيث عقيدتها وطقسها وكتابات آبائها، ولا شك أن الباحث المدقِّق والدارس الأمين لفكر الكنيسة القبطية لابد أن يكتشف الاهتمام الكبير الذي توليه الكنيسة منذ نشأتها للعمل الكرازي..

فالكرازة في حياة الكنيسة هي البيئة المناسبة لنموها وامتدادها، لذلك فقد كانت الكرازة – ويجب أن تبقى – أول اهتمامات الكنيسة القبطية. فالكنيسة لا تنمو فقط من خلال التكاثر الطبيعي للمؤمنين، بل أيضًا من خلال تعب أبنائها في خدمة الكرازة، فهذه هي مهمة الكنيسة والوصية الأخيرة التي تركها الرب لتلاميذه كما تحدثنا في العدد الماضي.

الفكر الكرازي في عقيدة الكنيسة :

بدأت قصة الخلاص في المفهوم المسيحي بسقوط أبوينا الأولين آدم وحواء عندما خالفا وصية الله، وبسقوط آدم الإنسان الأول جاز عليه حكم الموت بحسب كلمات الرب الإله «لأنك يوم تأكل منها [الشجرة] موتًا تموت» (تكوين17:2)، ولم يكن حكم الموت الذي أصدره الله علي الإنسان هو موت الجسد فقط، بل لقد تضمّن أيضًا ثلاثة أبعاد أخرى وهي: الموت الروحي أي الانفصال عن الله، والموت الأدبي ويعني فساد الطبيعة البشرية وارتباطها الدائم بالخطية، وأخيرًا الموت الأبدي ويعني الحكم على الإنسان بالهلاك الأبدي. وفي المفهوم المسيحي إن حكم الموت لم يخصّ أبوينا الأولين فقط، بل لقد امتد من آدم إلى كل البشرية، وعن هذا تكلم معلمنا بولس الرسول قائلاً: «بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع» (رومية12:5)، وبهذا احتاجت البشرية إلى مخلص! ومن هنا جاءت ضرورة "التجسد الإلهي"، أي أن يرتضي الله أن يأخذ جسد إنسان، ويصير هناك اتحاد بين الله والإنسان بصورة فريدة، أي أن يظهر الله في الجسد! وفي شخص الرب يسوع المسيح وحده "آدم الثاني" تحقّق هذا الاتحاد لكي يرفع الله عن البشرية حكم الموت الذي صار حكمًا على كل البشرية، لذلك فالتجسد في مفهوم العقيدة المسيحية هو مبادرة مجانية من الله نحو الإنسان، فقد أتى الله الكلمة في ملء الزمان لكيما يصنع الفداء لكل العالم، وليس لفئة معينة من البشر أو لشعب دون غيره ولا لجيل دون غيره، بل لكل العالم في كل مكان وكل زمان...

الكرازة ضرورة كنسية

لذلك فقد صار عمل الكنيسة الأول هو إعلان عمل الخلاص الذي أكمله الرب يسوع على الصليب لكل البشرية، أي أن تحمل الكنيسة بشرى الخلاص المفرحة للعالم، وتشهد بالحقيقة أن الرب تجسد ومات وقام من الأموات لأجل خلاص البشرية، وبهذا صارت الكرازة هي أحد علامات الكنيسة في كل زمان، وعن هذا كتب معلمنا بولس الرسول «لأنه إن كان بخطية الواحد قد ملك الموت بالواحد، فبالأولي كثيرًا الذين ينالون بفيض النعمة وعطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح» (رومية17:5). فنحن ككنيسة تؤمن أن الخلاص هو للجميع، فنحن نعرف إذًا أن مهمة الكنيسة هي أن تصل للجميع دون انغلاق أو تمييز.

نقطة أخرى في عقيدة الكنيسة وهو أن أحد علامات انقضاء هذا الدهر ومجيء الرب يسوع مرة أخرى على السحاب هو مرتبط بإثمار عمل الكرازة في كل المسكونة ولكل الشعوب، وذلك بحسب كلمات الرب يسوع نفسه لتلاميذه عن علامات مجيئه عندما قال: «ويُكرَز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم ثم يأتي المنتهى» (متى14:24).

فإن كان شوق الكنيسة وطلبتها الدائمة أمام الرب هي كلمات الكتاب «آمين تعالَ أيها الرب يسوع» (رؤيا2:22) فإنها لا تملك في ذلك إلاّ أن تسعى بكل جهد كي تتمم رسالتها التي ائتمنها عليها الرب يسوع في إتمام عمل الكرازة لكل الأمم... فواجب الكنيسة إذًا أن ترسل كارزيها إلى كل صوب كلما اشتد الشوق داخلها لقبول العريس السماوي في مجيئه الثاني «الروح والعروس يقولان: تعالَ، ومن يسمع فليقل: تعالَ» (رؤيا17:22).

أمر آخر أيضًا من جهة العقيدة المسيحية؛ فالكل يعرف أن جوهر العقيدة المسيحية يتعلّق بمحبة الله ومحبة القريب من كل القلب والقدرة، وذلك بحسب تعليم الرب يسوع أن هذه الوصية الأولى والعظمى في الناموس، ولا شك أن هذان الفعلان يرتبطان بصورة وثيقة بخدمة الكرازة، فمن جهة محبة الله فالكرازة هي تتميم لوصية الرب "اكرزوا بالإنجيل"، ومن جهة محبة القريب فالكرازة هي التعبير الأسمى عن المحبة الأخوية التي تسعى لخلاص الآخرين وإنقاذهم من الهلاك الأبدي، لذلك فالكرازة هي جزء لا يتجزّأ من عقيدة الكنيسة القبطية


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx