اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون22 سبتمبر 2017 - 3 توت 1734 ش     العدد كـــ PDFالعددان 37-38

اخر عدد

الصليب في الفن القبطي

القمص بنيامين المحرقي

22 سبتمبر 2017 - 3 توت 1734 ش

إن المسيحية لا تعبد الصليب، ولا تكرمه كأداة عذاب وإعدام، بل كأداة تم فيها الخلاص، بعد أن بيّن السيد المسيح محبته للبشرية حتى أقصى الحدود. لقد كان الصليب أداة تنفيذ حكم الإعدام والموت حتى أصدر الإمبراطور قسطنطين منشورًا بابطال هذه العقوبة في العالم كله، في القرن الرابع الميلاديّ.

الصليب وعلامة الحياة: في عصر الاضطهاد الروماني، كان المسيحيون يتجمعون في المقابر والأنفاق تحت الأرض، حتى يمكنهم الصلاة بعيدًا عن بطش الرومان؛ ومن هنا كانت هناك حاجة إلى إيجاد رموز ليتمكن المسيحيون من التعرف على بعضهم من خلالها، ومن أهم هذه الرموز إشارة الصليب.

فاخذوا مفتاح الحياة - «عنخ» كلمة فرعونية معناها «الحياة»، وقد كان المصريّ القديم يكتب هذه الكلمة ويعبر عنها بـ«علامة مفتاح الحياة» - للتعبير عن الصليب، وذلك حتى لا يلفت انتباه الرومان، فهو رمز مصري قديم، ثم بدأ تحويره بالتدريج وإخفاء بعض أجزائه وإضافة أخرى حتى أخذ شكل الصليب الذي يختلف عن مفتاح الحياة. ونجد بالمتحف القبطي، في القاعة الرابعة آثار منطقة أهناسيا، ويوجد الصليب داخل علامة عنخ‏.‏

"فن اليوتا"‏: ‏ أحد‏ ‏فروع‏ ‏الفن‏ ‏القبطيّ‏، اليوتا ‏[Ι] ‏حرف‏ ‏من‏ ‏حروف‏ ‏اللغة‏ ‏القبطية‏ ، وأول‏ ‏حرف‏ ‏في‏ ‏اسم‏ ‏يسوع‏ ‏[Ιнс]، وصليب‏ ‏اليوتا‏ ‏هو‏ ‏الوحدة‏ ‏الأساسية‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الفن‏.‏ وقد استخدم‏ ‏الفنان‏ ‏القبطي‏ ‏حرف‏ ‏اليوتا‏ ‏في‏ ‏إنتاج‏ ‏أشكال‏ ‏جميلة‏ ‏من‏ ‏الصلبان‏‏، ‏استخدمها‏ ‏الفنان‏ ‏في‏ ‏زخرفة‏ ‏المخطوطات‏ ‏القبطية‏ ‏والبراويز‏ ‏واللوحات‏.‏

اهتم الفنان القبطي بالصليب في معظم رسوماته، برؤيته الذاتية في أشكال متعددة رائعة، فنجد الصلبان المجدولة أو المربعة أو المستطيلة، استخدمها الفنان في زخرفة المخطوطات أو المنحوتات الخشبية أو الجصية. وأيضًا في الطباعة والمشغولات المعدنية، وفي "فن النسيج القبطي". كل هذا ينقل لنا في النهاية فنًّا، يعبر عن العقيدة المسيحية.

يهتم الفن القبطيّ بالبعد اللاهوتي الروحي الخلاصيّ، بهدف تجسيد الرؤية «وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ» (2كو4 :18). فيرفض قواعد المنظور المألوفة كما في باقي الفنون والتماثيل والمجسمات ذات الأبعاد الثلاثية. كذلك لا يميل إلى إظهار العذابات، بل يعبر عنها، ويركز اهتمامه في التعبير عن حياة النصرة والفرح بالخلاص. فعندما يرسم السيد المسيح على الصليب، يرسمه بملابسه، على الرغم من أنه صعد إلى الصليبب عريانًا. كما يصور السيد المسيح علي الصليب مفتوح العينين، وهذا عكس باقي الفنون وذلك لإظهار اللاهوت (قدوس الحي الذي لا يموت).

كما استخدم الألوان المناسبة والمعبرة عن مدلولات روحية،  فلكل لون معنى ورسالة: اللون الأحمر أكسيد الحديد بدرجاته، يرمز إلى المجد والفداء، وفي المفهوم العقيدي لا يوجد مجد بدون فداء فالمجد دائما يحتاج إلى الفداء، كذلك فهو رمز الفداء على الصليب، نجده في أيقونات وجداريات آلام الرب يسوع على الصليب ذبيحة فداء العالم كله. اللون الأخضر الذي يرمز إلى الحياة والسلام، نجده على رأس الصليب. أما فاللون الأصفر الأوهرا يرمز في الأيقونة للقداسة التي تنبعث من النور الإلهيّ، نجده في الأشعة الخارجية من الصليب والهالة المحيطة به، لأن الرب يسوع المسيح هو نور، والصليب هو المنارة التي أوقد عليها مخلصنا. ويستخدم اللون الأسود في تحديد الصليب من الخارج، وهو رمز وإشارة على أن ربنا يسوع المسيح حمل أحزاننا وخطايانا المظلمة. أما اللون الأبيض والذي يرمز للنقاء والنور، إلى الطهارة القلبية «اغْسِلْنِي فَأَبْيَضَّ أَكْثَرَ مِنَ الثَّلْجِ» (مز51: 7)، وهو الصليب الذي يتوسط تلك الألوان "أي الصليب الرئيسي".



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx