اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون29 ديسمبر 2017 - 20 كيهك 1734 ش     العدد كـــ PDFالعدد 51-52

اخر عدد

التجسد الإلهي

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

29 ديسمبر 2017 - 20 كيهك 1734 ش

عقيدة التجسد هي إحدى العقائد الهامة في الإيمان المسيحي، لذلك تردّد الكنيسة في كل العالم في قانون الإيمان: "هذا الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء، وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وتأنس". فالتجسد كان في فكر الله منذ البدء، فالموت وفساد الطبيعة البشرية كانا نتائج خطية آدم، وبمجيء المسيح متجسدًا إلى العالم لكي يتمّم فداءنا، وبصلبه وقيامته، وهب لنا أن ننال الحياة والطبيعة الجديدة في سر المعمودية المقدسة.

لم تكن توبة آدم كافية لحل مشكلة سقوط الإنسان، إذ لم يكن ممكنًا للتوبة وحدها أن تفي عدل الله ولا أن تغيِّر طبيعة الإنسان، بل كانت البشرية محكومًا عليها بالموت، وكان لابد لوجود مخلص ليعتق الإنسان من هذا الموت ويجدّد طبيعته. وفي المسيحية وحدها دون سائر الديانات فإن الإله فيها هو إله مخلّص، وهو يخلّص بذاته، لا يرسل ملاكًا ولا نبيًا ولا رسولًا من أجل خلاص الإنسان، بل هو وحده بذاته أتى ليخلّص الإنسان (لأنه وحده بلا خطية، وهو وحده غير المحدود، وهو وحده الذي يستطيع أن يجتاز الموت ويهزمه، فيهبنا بقيامته الخلاص من الخطية ومن اللعنة ومن العبودية للشيطان والخطية، ومن الإحساس بالذنب ومن الخوف.. الخ)، فوحده جدّد طبيعتنا الفاسدة.

لماذا التجسد؟

1) كان التجسد من أجل إتمام الفداء والخلاص، فقد ارتضي الله أن يتخذ لنفسه جسدًا لكي يقبل فيه حكم الموت، وفي جسده يحمل خطايانا على الصليب، وبهذا الجسد الذي تألم يقوم ناقضًا أوجاع الموت واهبًا لنا الحياة.

2) بالتجسد يعلن الله ذاته للخليقة (عمانوئيل الله معنا)، فعندما سقط الإنسان وفقد صلته بالله، جاء الله في صورة إنسان لكي يعلن ذاته للبشرية «الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبّر» (يو1: 18)، حتي لا يعود الإنسان يعبد المخلوق دون الخالق، فتبطل كل عبادة غير عبادة الإله الحقيقي، فيسوع كان بهاء مجد الله ورسم جوهره (عب1: 3).

3) بالتجسد قدم يسوع ذاته مثالًا للبشرية، وتمّم كل بر لكي نتبع خطواته، ولكي لا يعيش الأحياء فيما بعد لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام (2كو5: 15).

نبوات ورموز عن التجسد الإلهي

+ تكلم سفر التكوين عن وعد الله بالخلاص لآدم وحواء في (تك3: 15)، ثم عن كون المخلص من سبط يهوذا في (تك49: 10)، ثم تحدث موسى النبي لشعب إسرائيل «يقيم الرب إلهك نبيًا من وسطك من إخوتك مثلي» (تث18: 15)، ويُكتب عنه في سفر العدد «أراه ولكن ليس الآن، أبصره ولكن ليس قريبًا» (عد21: 17)، ثم عنه يتحدث إشعياء بكونه مولودًا من عذراء (إش7)، ثم بكونه ملكًا وأبًا أبديًا في (إش9: 6)، كما يتحدث ميخا النبي عن ميلاده في بيت لحم (ميخا5: 2)، وعن مجيئه أيضًا يكتب حجي النبي بكونه مُشتهى الأمم (حجي2: 7)، كما يكتب عنه ملاخي بكونه شمس البر التي تشرق والشفاء في أجنحتها (ملاخي4: 2).

+ أمّا عن رموز التجسد فكان عمود السحاب وعمود النار المصاحب للشعب في البرية رمزًا لناسوت الرب ولاهوته، وكانت العليقة رمزًا لتجسده من العذراء، وكانت أيضًا عصا هارون التي أفرخت بغير غرس ولا سقي إشارة لميلاد الرب بدون زرع بشر.

المعاني الروحية للتجسد

في التجسد تظهر معاني محبة الله للإنسان، ورغبته أن يصنع صلحًا مع البشرية، كما يحمل التجسد معنى الرجاء الذي جعل كل شر الإنسان لا يمنع الله عن خلاصه الذي صنعه من أجل الإنسان. في التجسد أيضًا معنى الاتضاع الحقيقي للإله الذي صار في صورة عبد. وفيه أيضًا تظهر قيمة الإنسان في عيني الله الذي لم يشأ أن يهلك الإنسان، لأنه كان عزيزًا في عيني الرب. التجسد أيضًا يؤكد ضرورة الكرازة وانتشار بشرى الخلاص. أخيرًا التجسد يظهر كيف جاء الله ليمنح الإنسان النصرة على الخطية والشيطان...

لتكن هذه المعاني في حياتك معاني حية تتذكرها كلما احتفلت الكنيسة بتذكار ميلاد الرب.



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx