اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الحادية والأربعون13 سبتمبر 2013 - توت 4 ش 1730 العدد 35-36

اخر عدد

الشجاعة كــرازة

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

13 سبتمبر 2013 - توت 4 ش 1730

الشجاعة كــرازة

 

في الأيام الأخيرة شاهدنا اعتداءات على كنائسنا ومؤسساتنا وأبنائنا، وتمزقت قلوبنا للعنف الذي خيّم على بلادنا، وإذ ننظر إلى هذه الأحداث من خلال منظار إيماننا المسيحي ندرك تمامًا أنه بقدر ما تؤلمنا هذه الأحداث إلاّ أننا ندرك أن «كُلَّ الأشياءِ تعمَلُ مَعًا للخَيرِ للّذينَ يُحِبّونَ اللهَ» (رومية 8: 28.

إننا نقابل هذه الأمور بكل شجاعة، وندرك وعـود الرب الكثيرة في الكتاب المـقدس «لا تخف»، ونؤمن بشجاعة المسيحية، ولا نخاف حتى من الموت لأنه لم يعد له سلطان علينا، لأن إلهنا قد غلب الموت بموته «أين شَوْكَتُكَ يا موتُ؟ أين غَلَبَتُكِ يا هاويَةُ؟» (كورنثوس الأولى 15: 55)، لذلك ندوس الموت بقوة مسيحنا القائم.

إن الشجاعة المسيحية لا تؤمن بالعنف ولا باستخدام أدواته، ليــس فقط المادية بــل أيضًا الكـلمة العنيفة: «...ومَنْ قالَ: يا أحمَقُ، يكونُ مُستَوْجِبَ نارِ جَهَنَّمَ» (متى 5: 22).

الشجاعة المسيحية لا تسمح لنا أن ننكر إيماننا في كلماتنا وسلوكنا «لأنَّ مَنِ استَحَى بي وبكلامي، فبهذا يَستَحي ابنُ الإنسانِ مَتَى جاءَ بمَجدِهِ ومَجدِ الآبِ والملائكَةِ القِدّيسينَ» (لوقا 9: 26).

الشجاعة المسيحية لا تقابل الشر بالشر بل بالخير، ويستطيع الإنسان أن يضبط نفسه «مالِكُ روحِهِ خَيرٌ مِمَّنْ يأخُذُ مدينةً» (أمثال 16: 32). ومهما كان الشر الذي يحيط بنا فإننا نضبط أنفسنا في قوة روحية من خلال إيماننا بعمل النعمة التي تؤازرنا و يهبها الرب لنا.

الشجاعة المسيحية تعلِّمنا أن ندافع عن الحق سواء بالكلمة أم بالموقف كما عمل السيد المسيح في أحداث الصليب، ولم يُدِر الخد الآخر وكان يتكلم بقوة: «إنْ كُنتُ قد تكلَّمتُ رَديًّا فاشهَدْ علَى الرَّديِّ، وإنْ حَسَنًا فلماذا تضرِبُني؟» (يوحنا 18: 23)، وكذلك صَنَعَ معلمنا بولس الرسول إذ رفع دعواه إلى قيصر ورفض أن يُضرَب وهو روماني الجنسية «لأنّي إنْ كُنتُ آثِمًا، أو صَنَعتُ شَيئًا يَستَحِقُّ الموتَ، فلستُ أستَعفي مِنَ الموتِ. ولكن إنْ لَمْ يَكُنْ شَيءٌ مِمّا يَشتَكي علَيَّ بهِ هؤُلاءِ، فليس أحَدٌ يستطيعُ أنْ يُسَلِّمَني لهُمْ. إلَى قَيصَرَ أنا رافِعٌ دَعوايَ!» (أعمال 25: 11).

إن الشجاعة تقتضي أن يكون الإنسان شجاعًا أيضًا مع نفسه، يعترف بخطيته ولا يكتمها، ويصارح نفسه بها لكي يتوب، ولا يلتمس لنفسه عذرًا بل يدرك «أنتَ بلا عُذرٍ أيُّها الإنسانُ» (رومية 2: 1).

إننا نحتاج إلى شجاعة من أجل الإيمان في مواجهة الأحداث، والتعامل مع أبناء هذا الجيل، من أجل أن ندرك حقيقتنا ونتوب عن خطايانا. هذه هي الشجاعة الحقيقية وليس العنف وسفك الدماء والاعتداء على الآمنين وبيوت الرب.

ونحن نحيّي أبناء الكنيسة الذين وقفوا بشجاعة وتمسّكوا بالإيمان، فاُستُشِهد بعضهم، ومنهم مَن أُصيبت أسرته وممتلكاته، ومنهم من تألّم بأنواع آلام كثيرة، لكن أحدًا منهم لم يستخدم أسلحة هذا العالم الشرير ولا قابل الشر بالشر. لذلك نطلب الرحمة من أجل شهدائنا، والرب يعوّض الكنيسة في كل ما تحمّلت من خسائر.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx