اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5011 مارس 2022 - 2 برمهات 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 9-10

اخر عدد

فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً (مت6: 4)

القمص بنيامين المحرقي

11 مارس 2022 - 2 برمهات 1738 ش

يحذرنا المسيح إلهنا من ممارسة جهادنا الروحي (أعمال البر) في العلن، فممارستها في العلن:

مؤشر على عدم صحة الهدف: فتكون بدافع طلب المجد الباطل، وهو مجد زائل عديم النفع، وقد رفضه المسيح إلهنا، عندما قال: «مَجْدًا مِنَ النَّاسِ لَسْتُ أَقْبَلُ» (يو5: 41)، فالسيد المسيح هو «نُورُ الْعَالَمِ» (يو8: 12)، والنور لا يمكن إخفاؤه، ولكنه كان يلجأ إلى الخفاء، مثلما قال بعد التجلي: «لاَ تُعْلِمُوا أَحَدًا بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ» (مت17: 9)، فيؤكد على عدم طلبه مجدًا من البشر، فهو جاء لكي يعلمنا ويخلصنا لا لكي يبهرنا، لذا لم يكن تعليمه في الخفاء (يو18: 20). فالذي يعطي صدقة في العلن، ليس هدفه مساعدة الفقير لأجل الله، بل طلبًا لمدح الناس كما ينعم ببضع كلمات شكر. يصلي لا بهدف الحديث مع الله بل محاولة إظهار صورة التقوى والتدين الشكلي أمام الآخرين. كما يصوم ليظهر قدرته على ضبط النفس أمام الناس.

في العلن إِنَّهُمْ «قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ» (مت6: 2): أعمال البر الذاتي لا يتبق لها أجر بعد، كما تفقد قيمتها الروحية العملية. والعمل الذي لا يؤدي إلى نتيجة هو عمل عقيم وبلا معنى، لذلك يقول معلمنا القديس بولس الرسول: «لأَنَّ الْيَهُودِيَّ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ هُوَ يَهُودِيًّا وَلاَ الْخِتَانُ الَّذِي فِي الظَّاهِرِ فِي اللَّحْمِ خِتَانًا» (رو2: 28)، فمن أسباب ضعف العبادة اليهودية إنحصارها في ظاهر الحياة الروحية دون باطنها. كما أنه في العلن: تقودنا لخطايا ماكرة خبيثة، الغرور ومحبة التظاهر، الرياء الذي إذا تملك علينا يهلكنا «اَلذُّبَابُ الْمَيِّتُ يُنَتِّنُ وَيُخَمِّرُ طِيبَ الْعَطَّارِ» (جا10: 1). لا تعرف شمالك، فالشمال تشير إلى النفس، وهو الشعور بالبر الذاتي وبأننا معجبون بأنفسنا، فالإنسان يجب أن يمارس وسائط النعمة بشعور عدم الإستحقاق، وأنه لم يقدم شيء بعد، ويسعى لينمي نفسه.

كلمة خفاء في اللغة اليونانيةκρυπτῷ  تعني يكتم – يخفي – يستر، كما تعني أيضًا يكتم سرًا. فيجب أن تكون عبادتنا في الخفاء..

في الخفاء: صادر من القلب وليس برياء، والصلاة والصوم والصدقة عبادة روحية عقلية يشترك فيها الجسد أيضًا، وَأَغْلِقْ بَابَكَ وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاء: منع دخول العالم إلى أفكارنا، يقول مار اسحق: [ليكن معلومًا عندك أن كلَّ خيرٍ لن يكونَ مقبولًا إلا إذا عُمل في الخفاء]ِ.

في الخفاء «لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ» (كو3: 3): مستترة تعني مختفية غير ظاهرة. هذه هي السمة الأساسية للحياة الروحية. الحياة الروحية ليست هي حياة الظاهر بل هي التي يراها الله في الخفاء، نحن ليس فقط نحيا مع المسيح، أو هو فقط الذي يهب الحياة، لكن «المسيح حياتنا» (كو3: 4)، نحن لا نأخذ تعاليم المسيح منفصلة عن المسيح. فالصدقة ليست للبشر بل «بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي فَعَلْتُمْ» (مت25: 40)، فلا تعطي صدقة رغبة في المديح أو الشكر أو رد الصدقة من البشر، بل انتظر مجازاة الرب نفسه لك على صدقتك وأبوك السماوي يجازيك علانية.

الله يرى في الخفاء: «إِذَا اخْتَبَأَ إِنْسَانٌ فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةٍ أَفَمَا أَرَاهُ أَنَا يَقُولُ الرَّبُّ؟» (إر23: 24)، ويقول معلمنا القديس بولس الرسول: «سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ» (1كو4: 5)، «يَدِينُ اللهُ سَرَائِرَ النَّاسِ» (رو2: 16)، لذلك العبادة المقبولة هي التي في الخفاء «الْيَهُودِيُّ فِي الْخَفَاءِ هُوَ الْيَهُودِيُّ وَخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ هُوَ الْخِتَانُ الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ» (رو2: 29). ونجد معلمنا القديس بطرس الرسول يطلب من الزوجات المسيحيات أن تعشن القداسة بالزينة الداخلية التي هي: «إِنْسَانَ الْقَلْبِ الْخَفِيَّ فِي الْعَدِيمَةِ الْفَسَادِ، زِينَةَ الرُّوحِ الْوَدِيعِ الْهَادِئِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ» (1بط3: 4).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx