اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5025 مارس 2022 - 16 برمهات 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 11-12

اخر عدد

جوهر الصوم

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

25 مارس 2022 - 16 برمهات 1738 ش

الصوم جوهر العلاقة مع الله لتحقيق أهداف روحية تشمل كل نواحي الحياة الروحية مع الله بصورة شاملة مثل:

1- الصوم وسيلة لنوال الحكمة: فدانيال والثلاثة فتية نالوا الحكمة حين صاموا إذ رفضوا الأكل من أطايب الملك والشرب من خمر مشروبه، لذلك كانوا أكثر استنارة وقوة تفكير عن بقية الفتية الذين كانوا معهم، مما رفع دانيال والثلاثة فتية القديسين (شدرخ وميشخ وعبدناغو) (دا3) في الكرامة والمنزلة عند الملك ومساعديه من كبار المملكة. وقد أعطتهم الحكمة أيضًا نشاطًا قويًا في الحياة الروحية، لأن العقل الحكيم ينتصر بالصوم على الجسد وشهواته التي تصل بالإنسان إلى التدني تحت ثقل الخطيئة، لذلك فالصوم يرتفع بالفكر والحواس إلى المعرفة الحكيمة والنقية.

2- الصوم وسيلة للنصرة على الشيطان والتجارب: لأن تجربة آدم الأول كانت الأكل من الثمرة الممنوعة فأكل وسقط، لكن حين جرّب الشيطان آدم الثاني (السيد المسيح) بالأكل بتحويل الحجارة إلى خبز، انتصر ولم يفعل ما طلبه الشيطان بل قال له: «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله» (لو4:4)، وإنتصر أيضًا على التجربة الثانية إذ رفض ممالك العالم والسجود للشيطان قائلًا: «مكتوب للرب إلهك تجسد وإياه وحده تعبد» (لو4: 8)، وهكذا توالت الانتصارات على الشيطان حتى كملت برفض كل الإغراءات والغواية الشيطانية بكل أبعادها.. وبانتصاره على تجربة الأكل أيضًا رفض أن يلقي بنفسه من على جناح الهيكل رافضًا أن يجرِّب الرب الإله (لو4: 9).

3- الصوم وسيلة ومصدر للقوة الروحية: الصائم شبعان بمحبة الله، فلا يريد شيئًا آخر مهما كان، لأن الله يهب للصائم نعمة تمنع عنه أيّة ميول شريرة، لأنه مُحاط بقوة إرادة تساعده على النجاح الروحي، لأن الصوم يهب للعقل والروح سلطانًا على الحواس والجسد فيمتلك قدرة على السيطرة وضبط النفس، مما يجعل الصائم قادرًا على غلق كل المداخل أمام الشيطان، مما يجعل الإنسان قادرًا على استعادة كرامته الروحية بامتلاك إرادته الروحية الحُرَّة موجّهة لله بكل طاقاتها، وهذا سر الحياة الفاضلة التي توصّل للقداسة، ويمتد فعل التقديس لكل إمكانية إنسانية في الكلام وفي التصرف وفي الآراء وفي كل خطوة يسير فيها، كما نصلي في القداس الإلهي الإغريغوري: "أقدم لك يا سيدي مشورات حريتي وأكتب أعمالي تبعًا لأقوالك".

4- الصوم مرتبط بالحياة الفردوسية: إذ كان آدم وحواء في الفردوس صائميْن وحين كسرا وصية الصوم طُردا من الفردوس، وفي آدم أخطأ الجميع كما يقول الكتاب: «بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت» (رو5: 12)

إذًا فالصوم يحفظ الإنسان من الخطيئة والمعصية، ويظل الإنسان الصائم مطيعًا لله عن قناعة ورضى بإرادة حُرَّة، لأنه مبتعد عن تيار الإثم الذي يعمل في أبناء المعصية كلهم.

لذلك هناك فرق بين المنع والامتناع، ويحقق الصائم تلك المعادلة الروحية التي تقوّي الإنسان وهي: امتناع + اقتناع = تؤدي إلى اقتلاع الخطية من جذورها من القلب، وإقلاع من أوساط الخطية كلها، مما يؤدي إلى اتساع القلب لمحبة الجميع بلا شروط ولا استثناءات، وهذا يوصّل إلى الارتفاع الروحي في كل الأمور، إذ يرتفع القلب إلى السماء والمشاعر إلى الحب النقي الطاهر في المسيح يسوع، مما يجعل كل العلاقات سوية ونقية ومملوءة روحانية وقداسة شخصية.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx