اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5001 يوليه 2022 - 24 بؤونه 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 23-24

اخر عدد

الامتلاء من الروح القدس

القس ابراهيم عازر

01 يوليه 2022 - 24 بؤونه 1738 ش

الامتلاء من الروح القدس هو هدف الحياة المسيحية؛ هكذا عبّر كثير من الآباء عن علاقتنا بالروح للقدس، فما فقدته الشرية في آدم الأول كان نتيجة الانفصال عن الله، وانقطاع الشركة مع الروح القدس، فالموت والفساد والتغرُّب عن محضر الله وسيادة الخطية هي علامات خلو الانسان من سُكنى الروح القدس «لا يدين روحي في الإنسان». الله يسكن فينا بروحه ويعمل بنا من خلاله، فالروح هو من يقدّسنا، يجدّدنا، يُشكّلنا، يهيّئنا ويهبنا بركات الآب في الابن.

لذلك كان طبيعيًا أن ينسكب الروح على الكنيسة بعد أن جدّد الابن طبيعتنا، واقتبل الروح لأجلنا، ثم صعد وقدّم ذاته ذبيحة عن حياة العالم. لم يكن ممكنًا للكنيسة أن تستعيد حياتها وتبدأ رسالتها دون انسكاب الروح، فالكنيسة هي كنيسة الروح القدس التي يعمل فيها، حتى يجعل منها كنزًا إلهيًا ثمينًا يفيض على العالم. فالكنيسة من خلال أسرارها المقدسة تهبنا الروح، تنميه داخلنا، وتشعله داخلنا، وتُبقي على مصابيحنا موقدة ولامعة. ومن خلال قديسيها ترسم لنا نماذج حية وعلامات مضيئة على طريق الملكوت.

لذلك لم يكن ممكنًا للكنيسة أن تبدأ بناء ملكوت الله دون الامتلاء من قوة الروح يوم الخمسين. فلم يكن لبطرس أن يشهد دون أن يختبر القوة، والقوة المقصودة هنا هي قوة الحياة في الروح، فالقوة ليست عملًا آليًا سحريًا، ولكنها قوة الشركة والخبرة، التي يوفّرها لنا روح الله في شركتنا مع الله وإدراكنا لأسرار الروح. هذه القوة هي التي دفعت معلمنا بطرس الرسول أن يصرخ يوم الخمسين للجموع قائلًا «ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب»، فالشهادة للمسيح هي خبرة الروح قبل أن تكون معرفة أو حتى مواهب.

لذلك صار السعي نحو الامتلاء من الروح القدس هو هدف كل مؤمن يسعى لاختبار حضور الله في حياته، ولذلك وضع لنا الرب يسوع المنهج والطريق نحو الامتلاء، عندما طلب من تلاميذه المكوث في أورشليهم وألّا يبرحوا العلية طيلة عشرة أيام، ويكونوا في حالة توقع وانتظار واستعداد. الانتظار هنا له معنى عميق، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بعطية الروح القدس، ففترة الانتظار هي فترة حركة روحية نحو سؤال وطلب الروح بإلحاح ولجاجة، فالروح يُعطى للذين يطلبونه ويسألونه. والطلب أيضًا ليس مجرد سؤال الروح، ولكنه بالحقيقة، بناء شركه مع الروح من خلال الحديث إليه والتعرُّف عليه -كنوع من التهيئة- من حيث معرفه صفاته وأعماله، وتهيئة النفس لسكناه. فلا بد للنفس أن تفهم صفات ذلك الساكن الجديد وعمله في داخلها، حتى تستطيع أن تكون في شركة معه؛ وهذا ما يصفه الكتاب المقدس، بالسلوك بالروح، فالسلوك بالروح هو أن تكون على تناسق وتناغم مع صفات الروح وثماره. من هنا ينمو الإنسان بالروح وويتقوّى بالنعمة. لذلك صارت فترات الانتظار (الخلوة الروحية) أسرار الامتلاء بالروح، فالروح ينمو ويتقوّى في الخفاء، وإن كانت ثماره في العلن. لذلك عَبْر الكتاب نلاحظ أن القوة في حياة رجال الله القديسين تبدأ من الاختلاء: فموسى يصعد على الجبل ليختلي بالله أيامًا ثم ينزل المحلة وجهه يشعّ نورًا وبهاءً، وبولس يذهب للصحراء ويمكث عده سنوات ليرجع ممتلئًا وشاهدًا للروح. فالروح الوديع الهادئ يجد راحته في فترات الانتظار الإيجابية التي يجب المداومة عليها، فالامتلاء عملية مستمرة، تحتاج دائمًا إلى وقود روحي وشحن دائم.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx