اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5015 يوليه 2022 - 8 أبيب 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 25-26

اخر عدد

سؤال هام

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

15 يوليه 2022 - 8 أبيب 1738 ش

كيف وصل القديسون إلى الدرجات الروحية العالية، مثل السيدة العذراء ونقاوتها العجيبة حتى صارت والدة الإله الدائمة البتولية؟ وكيف نما القديسون في الحياة الروحية ووصلوا إلى قامات عالية جدًا، مثل السواح القديسون وممارساتهم النسكية ومثل الأنبا بيشوي الذي استحق أن يحمل السيد المسيح وسُمّي "الرجل الكامل حبيب مخلصنا الصالح"؟ تاريخ كنيستنا مليء بالأمثلة العجيبة في جهادها الروحي الذي يعكس إيمانهم القوي وحياتهم النقية. حقًا إنها الحياة الداخلية مع الله (إنسان القلب الخفي)، إنه كنز القلب الخفي في الداخل... «اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ» (مت12: 35)، وقد رأينا في مثل العذارى الحكيمات والجاهلات تعبير "زيت الآنية" الذي منه زيت المصباح المؤقت الذي ينفذ، لكن زيت الآنية لا ينفذ لأنه يشير إلى عمل الروح القدس معنا في العبادة الروحية، أي زيت النعمة المختزن بالأعمال الصالحة والعبادة الروحية من آنية القلب الداخلي، لذلك نهتم بالداخل جدًا؛ ولقد وبّخ السيد المسيح الكتبة والفريسين قائلًا «نقّوا أولاً داخل الكأس والصحفة لكي يصير خارجهما نقيًا»، ومن المفروض أن نهتم بالتوبة الحقيقية من القلب «إذ بالبكاء يأتون وبالتضرعات ينمون»، ولا شك أن الفضيلة هي ثمرة عمل داخلي من الله ونسميه ملكوت الله الداخلي «هوذا ملكوت الله داخلكم»، وأوصى الكتاب المقدس «وَلاَ تَكُنْ زِينَتُكُنَّ الزِّينَةَ الْخَارِجِيَّةَ، مِنْ ضَفْرِ الشَّعْرِ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَلِبْسِ الثِّيَابِ، بَلْ إِنْسَانَ الْقَلْبِ الْخَفِيَّ فِي الْعَدِيمَةِ الْفَسَادِ، زِينَةَ الرُّوحِ الْوَدِيعِ الْهَادِئِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ» (1بط3:3-4)، وهذه هي سمات الإنسان الروحي الذي أخذناه في المعمودية.

حقًا إن الحياة الفاضلة ليست مجرد مظاهر ولكنها حياة، ففضيلة المحبة ليست مجرد مشاعر ولكنها عمل محبة يعطي حياة، فحين أحبنا المسيح صُلب لأجل فدائنا.. والاتضاع ليس مجرد مظهر، ولكنه إحساس عميق في القلب بعدم الاستحقاق لأي كرامة، لذلك يهرب من أي تمجيد أو مديح أو تكريم، ويحب الأعمال الحقيرة لخدمة الآخرين لأجل الله مع تَقَبُّل الأتعاب والضيقات والآلام في الخدمة والعبادة بدون تذمر.. ولذلك الإنسان الفاضل الذي يحيا بالمبادئ الروحية يُخفي الفضيلة لكي لا يسرقها الشيطان، ولكي يحصل على المجد السماوي مع المسيح إلى الأبد حسب وعد الله «لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ. وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُتْبَتِهِ» (1كو15: 22-23)، وتعلمنا الكنيسة عمليًا في الحياة السرائرية أن النعمة غير المنظورة نأخذها من خلال عمل أو مادة منظورة مثل الماء في المعمودية والزيت في الميرون ومسحة المرضى وهكذا... وكل ذلك يرتكز على محبة المسيح في القلب. وقد عرفنا أن خيمة الاجتماع كانت قديمًا من الخارج مصنوعة من شعر الماعز وجلود تخس وكباش، ولكن من الداخل مملوءة بالجواهر الثمينة واللآلئ الغالية مثل الذهب والفضة والأسمانجوني والأرجوان والقرمز، بل هذا ما قيل عن السيد المسيح: من الخارج «لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ..» (إش53: 2-3)، بينما في حادثة التجلي ظهر مجده الحقيقي الداخلي «وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ» (مت17: 2)، وهكذا كل القديسين أخفوا حياتهم مثل العذراء قيل عنها كمثال «كل مجد ابنة الملك من داخل» لذلك أوصانا الكتاب «ناظرين ليس إلى ما يُرى بل إلى ما لا يُرى»...




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx