اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5029 يوليه 2022 - 22 أبيب 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 27-28

اخر عدد

القديسة مريم نموذج للبتولية - للقديس أثناسيوس الرسولي(*)

القمص بنيامين المحرقي

29 يوليه 2022 - 22 أبيب 1738 ش

بمناسبة صوم والدة الإله القديسة مريم، أقدم بعضًا من تعليم القديس أثناسيوس الرسولي، عن والدة الإله القديسة الطاهرة مريم، نبراسًا يجب أن يُقتدى به في حياة البتولية، موضحًا واقع حياة البتولية من خلال حياتها، قائلًا:

12- لتكن لكن جميعًا الحياة التي لمريم أم الله، كما هو مكتوب: [قدوة ومثال] لبتوليتها. لذلك من الأفضل لكن أن تدركن وترين أنفسكن من خلالها كما في مرآة، وتقسن ذواتكن عليها. فكمّلن الأعمال الحسنة التي نسيتنّها، وانمين في الأمور الصالحة التي تمارسنها، حتى تنمو حياتكن أيضًا، وتكون صورة يقتدي بها آخرون. ودائمًا كن قدوة للآخرين.

13- وهكذا، كانت مريم عذراءً قديسة، لها روح متوزانة ومتزايدة بغنى، لأنها كانت ترجو الأعمال الصالحة، والسلوك بالاستقامة، مع الإيمان الحقيقيّ والقلب الطاهر. لم تكن ترغب في الظهور أمام الناس، بل كانت تصلي أمام الله الديان. فلم تكن تترك منزلها وتسير في الشوارع على الإطلاق، بل على العكس كانت مقيمة في منزلها بهدوء، ولكنها كالنحلة النشيطة. تقضي وقتها في ممارسة العمل اليدويّ بشكل لائق، لخدمة الفقراء. لم تكن تتطلع للنظر من النافذة، بل تنظر في الكتب المقدسة. ودائمة الصلاة على انفراد.

كما كانت تحرص على هذين الأمرين: أنها لا تدع الأفكار الشريرة تسكن في قلبها. وأيضًا لم تكن تعرف الفضول. ولم يعرف قلبها القساوة. ولم تكن تسمح لأحد أن يكون بالقرب منها إلّا ويكون جسدها مستترًا. كانت لها إرادة قوية تستطيع أن تتحكم في غضبها، بل وتطفئ الغضب في أعماق أفكارها. كانت كلماتها هادئة وصوتها معتدلًا، ولم تكن تصيح أبدًا. كانت فرحة القلب. لم تفترِ على أحد، ولا تسمح لنفسها أن تسمع اتهامات على أحد. لم يكن قلبها مضطربًا، ولا حسودة في روحها. لم تكن كثيرة الكلام، بل كانت في قمة الاتضاع، ولم يعرف قلبها الشر. لا تجادل في أمور حياتها إلّا فيما يتعلق بأمورها المدنية. تجاهد في يومها، »أَيُّهَا الإخوة، أَنَا لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ. وَلَكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئاً وَاحِداً: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ» (في3 :13).

في بداية حياتها، كانت تسعى جاهدة لتكون أعمالها جديدة، وحقًا هذا ما تممته بالفعل. كانت تتناسى أعمالها الحسنة وأفعال الرحمة التي كانت تفعلها سرًا، ولكن كانت تتذكر الرب. تجاهد لكي تزيد من أفعالها عن قبل، وأزالت من قلبها أفعال الصبا. لم تكن قلقة من الموت، بل كانت تتنهد يوميًا لأنها لم تنطلق بعد لأبواب السماء.

14- قهرت شهوات الجسد، كانت تعيش فقط على القوت الضروريّ لجسدها، فكانت تأكل وتشرب، ليس بترف ولذة، بل حتى لا تهمل جسدها فيموت في غير أوانه. وعلاوة على ذلك، لم تكن تنام دون حساب، ولكن فقط لراحة جسدها، وتقوم لتمارس عملها وقراءة الكتاب المقدس. كان الصوم بهجتها كما يبتهج الأخرون بالولائم. وبدلًا من الخبز المنظور كان تتغذى بكلمات الحق. بدلا من النبيذ، كان سرورها بتعاليم المخلص، أطيب لها من الخمر، حتى أنها تلقّت أيضًا تعاليم مربحة، إذ قيل: «لِيُقَبِّلْنِي بِقُبْلاَتِ فَمِهِ لأَنَّ حُبَّكَ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ» (نش1: 2).

15- لم تكن تدخل وتخرج، ولكن فقط للضرورة، حينما تذهب إلى الهيكل لأنها لم تقصر في الذهاب إليه. وغير ذلك، كانت تخرج مع والديها، ماشية بصورة لائقة، محتشمة في ملابس وفي نظرات عينيها أيضًا، حتى يُخيل لمن يراها أن أحدًا يراقبها، مما يجعلها تتذكر وتركز باهتمام فيما تريد أن تفعل. وفكرها الجيد الذي كانت تمتلكه كان يحرسها ويعلمها، وهذا قد اكتسبته من البداية نتيجة لصلواتها. لأنها لم تكن تنظر إلى الأمور الخارجية. وما سمعها أحد في أي وقت تصرخ. وبدلا من ذلك كانت تصلي، وكان والداها وغيرهم من النساء معها يتعجبون منها. لأنهم لم يسمعوا صوتها، ولكن من حركة شفتيها، كانوا يفهمون ويدركون أن تلك حركة أفكارها الداخلية المقدسة.

16- عندما رأى والداها هذه الأمور، كانا يقدمان الشكر إلى الله، ليس فقط لأنه قد أعطى لهم ابنة، ولكن لأنه أعطاهما ابنة مثل هذه، مصدر نعمة وفرح لهما. وهي من جهتها، كانت تعرف واجبها: أولاً أن تصلي إلى الله، وبعد ذلك الخضوع لوالديها. ولكنها كانت تعرف أن خلافها مع والديها مكرهة لله. وكان لديها رغبة تضعها نصب عينيها، وهي: الخضوع لوالديها أكثر من خضوع العبيد.

17- ومن غير النافع أن نتكلم عن أنها كانت معروفة بين العبيد الرجال أو الرجال الآخرين. لأنها كانت كغريبة بينهم دائمًا. فكانت لا تحتمل أصواتهم. وكانوا هم غرباء عنها، ولم يتعارفوا عليها (باستثناء هيئتها). والإنجيل يشهد لهذا القول: أنه عندما أُرسل جبرائيل رئيس الملائكة لها، في صورة إنسان، جاء إليها وتحدث معها، قائلاً: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الممتلئة ُنْعَمُة اَلرَّبُّ مَعَكِ» (لو1: 28). فلأنها لم تعتد من قبل صوت الرجال، اضطربت الفتاة جدًا. وأخذت تدافع في نقاوة الفكر، للهروب أو الموت، إلا أن الشخص الذي تحدث معها، أزال خوفها بأنه عرفها باسمه، قائلاً: «لا تخافي يا مريم أنا جبرائيل» (لو1 :30). بعد ذلك استعادت قواها، وتشجعت من تحية الملاك لها، لأنها عرفت أن كلام رئيس الملائكة حقيقيّ موجه إلى عذارء بالحقيقة. هذه هي صورة البتولية التي كانت عليها القديسة مريم. ليت من يشتهي البتولية يتشبه بها. لأنه لمثل هذه الأمور اختارها الله الكلمة، ليأخذ منها جسدًا، ويصير إنسانًا لأجلنا.

(*) L. Th. Lefort, “S. Athanase, lettres festales et pastorales en copte”, CSCO 150 (1955) p. 73 -99.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx