لكل معتقد تعاليمه ومبادئه، فللمسيحية مبادئ هي ضرورة التجديد إذ أن الرب تجسد لكي يعيد خلق الإنسان الذي سبق فخلقه بنفخة منه امتزجت بالجسد الترابي، فصار الإنسان نفسًا حية كقول الكتاب «فصار آدم نفسًا حية» (تك2: 7).

وكانت البشرية طاهرة لا تعرف الشر أي لا يسكن فيها الشر، وليس في طبيعتها خطيئة بل نقية خالدة مدبّرة للخير «على صورة الله خلقه، ذكرًا وأنثى خلقهم» (تك1: 27).

ثم سقطت البشرية في الخطيئة وأصبحت طبيعتها تحوي الفساد بجانب الخلود والعقل والتدبير.

فكان لزامًا على الخالق القدوس أن يعيد الناس إلى النقاء ليكون خلودهم طاهرًا سعيدًا مشيرًا للمصدر الذي صدرت منه أرواحهم وهو الله. وكما سكن روح الله بالنفخة في آدم جاعلًا له روحًا خاصة على صورة المصدر الأصلي، اقتضى الأمر أن يسكن الرب مرة جديدة في الإنسان، فلزم التطهير والتقديس، فبدأ التجسد، وتلاه الفداء، ثم حلول الروح القدس.

أمّا المسيحيون فليسوا حتمًا الصورة التفسيرية للمسيحية، وهذا وضع كل معتقد. فلا يُفهَم المعتقد حسب سلوك معتنقيه. لأن الناس كثيرًا ما يسلكون سلوكًا مغايرًا لتعاليم عقائد دينهم. بل تؤخذ مبادئ السلوك من تعاليم الدين الواردة في كتبه الموحى بها، وليس من سلوك الناس. فلا يقل أحد عن سلوك بعض المدعوين مسيحيين، إنها المسيحية التي علمتهم هذا السلوك. فكثيرًا ما يخالف سلوك البعض ما تقوله التعاليم الكتابية مخالفة مباشرة، في ألفاظهم، أو آدابهم، أو ملابس نسائهم، أو احترامهم لبيت الرب في أعيادهم ومناسبات حياتهم، أو سلوكهم في أعمالهم، أو أمانتهم، أو غير ذلك من الأمور المخجلة...

هذا سلوك منحرف، لأن مبادئ السلوك المسيحي تؤخذ من تعاليم الكتاب وسلوك المبشرين الأوائل بالمعتقد، وليس من سلوك الناس مهما انتموا اسمًا إلى المسيحية.

ولذا لما جاء المخلص كان هدفه أعطاء البشرية القوة ضد الشر الوارد إليها، ولكنه في ذات الوقت رسم نموذجًا للسلوك الإنساني السليم.

(*) نُشرت بمجلة الكرازة – السنة الثامنة والعشرون – العدد 23 و24 – 30 يونيو 2000 – صـ8