اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5113 يناير 2023 - 5 طوبه 1739 ش     العدد كـــ PDFالعدد 1-2

اخر عدد

كُن شفوقًا ودع القلق

قداسة البابا تواضروس الثانى

13 يناير 2023 - 5 طوبه 1739 ش

من الأمثال الغربية مثل يقول: "الله الذي خلق لنا الأسنان، كيف لا يعطينا الخير". وهو من أمثال الطمأنينة واليقين في عمل الله وتدبيره لحياة الخليقة والمخلوقات وعلى رأسها الإنسان.

ومنذ بدأت الحرب العبثية بين روسيا وأوكرانيا في فبراير 2022، والعالم يشهد موجات من الأزمات والضيقات بصورة مفزعة على كافة الأصعدة، سواء اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو ماليًا أو صحيًا... إلخ، مما تسبب في حالة من التوتر والقلق والضغط على الأسرة في معظم بلدان العالم وبالطبع من بينها مصر بلادنا الحبيبة.

ولكي نواجه هذه الضغوط يجب أن نغيّر من تفكيرنا ووسائل مواجهة الحياة في هذه الظروف الصعبة حتى تعبر الأزمة بسلام:

(1) تجنب هوس المقارنة مع الآخرين سواء الجيران أو الزملاء أو الأقارب، وكما تقول الوصية الأخيرة من الوصايا العشر: يجب ألّا تشتهي شيئًا مما لقريبك (خروج 20: 17).

إن الهوس بالأشياء وامتلاك المقتنيات مثل الآخرين لا يجب أن يتحكم في حياتنا، لأن الآخرين عندهم موبايل جديد أو تليفزيون كبير أو غير ذلك، لأن الرغبة في الحصول على الأشياء وعدم تحقيقها يمكن أن تؤدي إلى ضغوط كبيرة وعدم الرضا عن الحياة.. ومن أكاذيب الحياة أنه إذا كان لدينا المزيد من المال فسنكون أكثر سعادة، أو منزل أوسع سنكون أكثر سعادة...!

لقد كان سليمان الحكيم يدرك ذلك جيدًا ولذا قال: «من يحب الفضة لا يشبع، ومن يحب الثروة لا يشبع من دخل» (جامعة 5: 10)، وقد شرح ذلك باستفاضة في الأصحاح الثاني من سفر الجامعة وقال: «.. ثم التفتُّ أنا إلى كل أعمالي التي عملتها يداي، وإلى التعب الذي تعبته في عمله، فإذا الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس» (جامعة 2: 11).

ولكن هذا لا يعني ألّا نجتهد ونعمل باجتهاد لأنه مكتوب «كل ما فعلتم فاعملوا من القلب كما للرب ليس للناس» (كولوسي 3: 23)، وبالتالي لا داعي للقلق أو التوتر بشأن أي شيء مهما كان.

(2) تجنُّب الانشغال الزائد فوق الطاقة: وفوق إمكانية استيعاب الوقت المتاح لك. أحيانًا يجلب الإنسان العمل إلى المنزل أو يستعمل الموبايل أو يجلس أمام شبكة النت بالساعات الطويلة لأداء الأعمال أو حتى التسلية أو البحث في اللا شيء!.. إن المنزل مكان للراحة وليس امتدادًا لأعمال المكتب أو انشغالات العمل بأيّة صورة. إن وقتك هو عمرك ويجب أن تحسن توزيعه واستغلاله. مرهقون بالأعباء والمخاوف والقلق رغم أن السيد المسيح منذ ألفي عام قال: «تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم» (متى 11: 28)، ويُكمل: «.. تجدوا راحة لنفوسكم»، ليست راحة أجسادنا بل أرواحنا وكياننا الأعمق.. ووصية السيد المسيح «تعلّموا منّي لأني وديع ومتواضع القلب»، فيها تخفيف للتوتر والقلق والضغوط والأوجاع القلبية التي نحمّلها لأنفسنا وعائلتنا، بدلًا من أن يكون الإنسان قاسيًا متعاليًا متكبرًا في صراع الحياة.

(3) ترشيد ما عندك وما لديك: الطعام والماء والأدوية والطاقة والورق والملابس... وسائر الاستخدامات المنزلية العديدة. حافظ على ما هو متوفر أو موجود عندك بلا إسراف أو تبذير أو استهانه بالقليل، والآباء قالوا قديمًا: "قليل دائم خيرًا من كثير متقطّع". تجنب الاسراف في استخدام الموبايل والنت وسائر الأجهزة المتاحة عندك بصفة عامة. قلِّل استخدام الكهرباء سواء باستخدام لمبات الليد LED موفّرة الطاقة أو بعدم ترك المصابيح مضاءة بلا فائدة... كذلك في استخدامات المياه... كذلك في الطعام والمتبقّي منه، واستخدم أطعمة مفيدة وصحية مثل العسل الاسود أو البليلة أو الخضروات والفاكهة الطازجة... كذلك استخدامات الخبز بحكمة وترشيد، ولا تلجأ إلى الأطعمة خارج المنزل لأنها صحيًا قليلة ومحدودة الفائدة والقيمة الغذائية... كل هذه الإجراءات سوف تحافظ على دخلك وتوفر معك شيئًا ليس قليلًا في ظل ارتفاع الأسعار والعملات وتوافر السلع...

(4) كن شفوقًا عطوفًا على الآخرين ذوي الاحتياج: وكن حساسًا لمن حولك وهم في احتياج ولكن يستحون من الطلب أو السؤال.

إن كلمه شفقة Compassion تظهر في الكتاب المقدس ما يقرب من مئة مرة، وهي تعني الرغبة في مساعدة شخص في مشكلة أو ألم أو إذا كان يواجه موقفًا صعبًا أو أزمة أو تعبًا شديدًا.

ونحن كأبناء للسيد المسيح يجب أن نتبع الأمثلة التي رسمها لنا، فعندما زار المدن والقرى ورأى الجموع تتوق لرؤيته: «كان يسوع يطوف المدن كلها... ولما رأى الجموع تحنّن عليهم، إذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها» (متى 9: 35، 36).

ورأيناه يتحنّن على الجموع في القفر وأشبع خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأطفال بدافع الشفقة والتعاطف وتلبية الاحتياج.

ونحن اليوم يدا المسيح التي يجب أن تمتد بالشفقة والمساعدة نحو هؤلاء الناس، خاصة في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بلادنا وشعبنا المصري...

يجب أن نصلي من أجل الآخرين المنكوبين، ونحيطهم بالمحبة والرحمة والمساعدة والرعاية، مثلما دعانا بولس الرسول لكي نكون: «كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض، شفوقين متسامحين، كما سامحكم الله أيضًا في المسيح» (أفسس 4: 32).

إنه وقتٌ للتكافل والشعور بالشفقة داخل كنائسنا وخدماتنا ومجموعات الخدام والشباب، مع الحب والرحمة والشفقة والمودة الأخوية بين الجميع، نستطيع أن نعبر هذه الأزمات وندع القلق والتوتر ونسند بعضنا البعض بالأمل والرجاء والحب، والعمل والخدمة والرعاية.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx