اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة الحادية الأربعون08 مارس 2013 - 29 أمشير 1729 شالعدد 9و10

اخر عدد

البابا شنودة الثالث كارزاً

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

08 مارس 2013 - 29 أمشير 1729 ش

دفعت وصية ربنا يسوع المسيح الآباء الرسل للذهاب إلى العالم كله: «وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ» (أعمال1: 8)، فصارت وصية الكرازة بالإنجيل وصية وجوبيه مرتبطة بالإيمان المسيحي.

وقد رأينا أن أبانا الحبيب، مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث، يقتفي أثرهم مؤكدًا أهمية هذه الوصية في الحياة المسيحية عامة وحياته الشخصية خاصة. رأيناه كارزًا في نواحي كثيرة: في رحلاته وزياراته المتعددة لأقطار كثيرة في العالم، في عظاته وكتاباته، في إرساليته لأبنائه في العالم.

وكانت زياراته المتعددة لدول العالم – وقد كان لي بركة مصاحبته في كثير منها – تتميز بالطابع الكرازي، لا بالكلمات فقط ولكن بالسلوك والمحبة والخدمة الباذلة التي تنسكب من قلبه نحو كل من يتقابل معهم، ولعل التاريخ لابد أن يسجل هذه الرحلات تذكارًا لقداسته وللإنجيل.

لقد كان كارزًا من خلال عظاته وكتاباته التي انتشرت في العالم كله وتُرجِمت إلى الكثير من اللغات، وأينما نذهب يحدّثنا الكثيرون عن الأثر الكبير الذي تركه في أشخاص متعدِّدي الجنسيات والخلفيات الإيمانية والشعوب والمناصب القيادية.

كما ظهر عمله الكرازي من خلال أبنائه الذين تتلمذوا على يديه وأقام منهم الأساقفة والكهنة والشمامسة المكرسين الذين ذهبوا إلى العالم أجمع يحملون فكرًا كرازيًا يحتاجه العالم المعاصر، لذلك انتشرت الكنائس والخدام في العالم، وصارت الكرازة موضوع حديث الكثيرين بعد أن غابت هذه الكلمة من قاموس الخدمة في أزمنة وقرون كثيرة مضت.

وعندما أتت جموع كثيرة من أقطار متعددة إلى مصر لكيما يلتقوا بقداسته ويتعلموا منه، كنّا نراه يخصّص وقتًا لتلك الوفود ليقوم بتعليمهم والتحدث معهم، وكان بقدر ما يمكنه يذهب إليهم أو يرسل لهم الخدام ويعتني بالدعم المادي والروحي والمساندة بكل الطاقات. ولأول مرة يذهب بابا الإسكندرية إلى قارات العالم، ولأول مرة يقيم الأساقفة لقارات العالم، وكذلك الكهنة والخدام. لقد حقق النبوة الإلهية: «فِي كُلِّ الأَرْضِ خَرَجَ مَنْطِقُهُمْ، وَإِلَى أَقْصَى الْمَسْكُونَةِ كَلِمَاتُهُمْ» (مزمور19: 4).

وإن كان قداسته رحل من عالمنا الفاني إلى الدار الأبدية إلاّ أن منهجه الكرازي لازال مستمرًا، فلازال روح الرب يعمل في كنيسته، وهو في السماء يصلي من أجلنا ويدفعنا إلي خدمة الكرازة في كل العالم.

إننا في هذا اليوم نصرخ ونقول: "كما سلك ذاك هكذا نسلك أيضًا" (يوحنا الأولى2: 6)، في حياته متعددة الفضائل، وأقصد محبة النفوس وعمل الكرازة الذي يجب أن نهتم به ونشجعه ونتكرس له ونعطيه اهتمامنا في الكنيسة، فلا نعيش لذواتنا ونتمركز حول أنفسنا ولكن ننطلق إلى العالم أجمع لكيما نكرز للخليقة كلها، ويفرح قلب الرب وكذلك قلب القديس مارمرقس كاروزنا وقلب قداسة أبينا الحبيب.

كان مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث أسقفًا للتعليم قبل أن يصير بطريركًا. وكان قبل دخوله إلى الرهبنة تلميذًا للأرشيدياكون حبيب جرجس. ودرس في الكلية الإكليريكية واختاره حبيب جرجس مدير الكلية ليقوم بالتدريس فيها قبل تخرجه منها، أي وهو طالب، وذلك نظرًا لنبوغه وتفوقه، مثلما كان في دراسته بالجامعة.

كان قداسته دارسًا للكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، بصورة نادرة، حتى أطلق عليه علماء الكنيسة الإنجيلية في مصر لقب البابا الإنجيلى؛ وذلك لكثرة إعتماده في الشرح والتعليم على نصوص الكتاب المقدس التي كان يحفظها بشواهدها.

وبالرغم من أن البابا شنوده قد أنشأ مدرسةً لاهوتية في الأجيال التى عاشها وخدم فيها؛ إلا أن تعليمه كان يمتاز بالبساطة والوضوح حتى كان يجتذب الكثيرين للاستماع إليه. وتحولت محاضرته في اللاهوت الروحى في الكلية الإكليريكية وهو أسقف للتعليم إلى إجتماع يحضره كثير من الخدام والخادمات وسائر أفراد الشعب. واستمر هذا الاجتماع بعد سيامته بطريركًا، وكان يتم في مساء الجمعة، ثم تحوّل إلى مساء الأربعاء في مرحلة تالية. وكان يحرص على إجابة الأسئلة حتى أنه أصدر عدة أجزاء من كتابه المشهور "سنوات مع أسئلة الناس".

كان لقداسته عظات ومؤلفات كثيرة في شرح الكتاب المقدس؛ حتى الأسفار التى يصعب الخوض فيها؛ كسفر الرؤيا، وسفر نشيد الأنشاد. إلى جوار تأملاته وتفاسيره لسفر المزامير، والموعظة على الجبل وكلمات المسيح على الصليب.

وقام قداسته بالرد على كثير من البدع والهرطقات: مثل بدعة شهود يهوه، وبدعة الأدفنتست، وبدعة الخلاص في لحظة، وبدع الأوريجانية، وبدعة تأليه الإنسان، وبدعة إنكار الكفارة في الفداء. كما أصدر كتابه المشهور عن "الخلاص في المفهوم الأرثوذكسى" الذي شرح فيه خطورة استخدام الآية الواحدة في فهم العقيدة وفي تفسير الكتاب المقدس.

وقام قداسته بتدريس مواد اللاهوت النظري، واللاهوت العقائدي، واللاهوت المقارن، واللاهوت الروحي، واللاهوت الرعوي، والكتاب المقدس وقوانين الكنيسة... وأصدر كتابه المشهور عن "اللاهوت المقارن"، وكتابًا عن "بدعة المطهر"، وكتابًا عن "طبيعة المسيح"، وكتابًا عالج فيه عقيدة انبثاق الروح القدس، وكتابًا عن لاهوت المسيح.

وقد منحت جامعة بون في ألمانيا قداسة البابا شهادة الدكتوراه الفخرية تقديرًا للصيغة الخاصة بتجسد الكلمة التي كتبها وهو أسقف للتعليم في الحوار اللاهوتي غير الرسمي الذي نظمته مؤسسة "برو أورينتا" في فيينا بالنمسا في سبتمبر 1971. وهي الصيغة التي وافق عليها اللاهوتيون. وكان مهرجانًا لتكريم البابا شنوده معلّم اللاهوت الذي لن ينساه التاريخ على مدى الأزمان


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx